للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الليلَ أجمع، ويَجتهدُ في العبادة، ولو قيل له: إن القيامة تقوم غدًا، ما كان فيه مزيدُ اجتهاد.

وأخبرني أخوه قال: كان يصوم يومًا، ويفطر يومًا، ثم سَرَدَ الصَّوم، وكان خَشِنَ العيش، يتعشَّى الخبزَ بالزَّيت، وله قميصٌ وطَيلسان يشتو فيه ويصيف. وكان من رجال العالم صرامةً وقولًا بالحق. وكان يحفظ حديثه، لم يكن له كتاب، وكان يُبكِّرُ إلى الجمعة فيصلِّي حتى يخرج الإمام. ورأيتُه يأتي دارَ أجداده عند الصَّفا، فيأخذ كراءها. وكان لا يُغيَر شَيبَه. ولما خرج ابنُ حسن (١) لزم بيتَه. قال: وكان الحسنُ بنُ زيد الأمير يُجري على ابنِ أبي ذئب كلَّ شهرٍ خمسةَ دنانير، ولما ولي جعفر بن سليمان المدينة بعثَ إليه بمئة دينار فاشترى منها ساجًا كرديًّا بعشرة دنانير، فلبسه بقيَّة عُمره، وقَدِمَ به عليهم بغداد، وما زالوا به حتى قبِل منهم، فأعطوه ألف دينار، فلمّا رجع مات بالكوفة (٢).

وقال أحمد: هو أورع وأقوم بالحق من مالك، دخل على المنصور فلم يَهلْهُ أن قال له الحق، وقال: الظلم ببابك فاش، وأبو جعفر أبو جعفر (٣).

وقال ابن حِبَّان: كان ابنُ أبي ذئب من عُبَّاد أهلِ المدينة وقُرائهم، وفُقهائهم، وكان من أَقْولِ أهل المدينة بالحقّ (٤).


(١) تقدم التعريف بابن حسن في ترجمة عبد الله بن عمر بن حفص. وانظر "السير" ٧/ ٢١ حاشيه رقم (١).
(٢) الخبر بطوله في "السير": ٧/ ١٤٠ - ١٤٢، وانظر "تاريخ بغداد" ٢/ ٣٠١ - ٣٠٢.
(٣) تاريخ بغداد: ٢/ ٣٠٢.
(٤) مشاهير علماء الأمصار: ص ١٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>