أن قبض عليه وسجن في القلعة وفر الحسباني, وحمل ابن البرهان ومن معه إلي القاهرة, فضربهم الظاهر، وقررهم علي من دخل في دعوتهم من الأمراء, فلم يذكروا أحدا, فأمر بحبسهم في حبس أهل الجرائم, واستعملوا مع المقيدين, وكان ذلك في سنة ثمان وثمانين وسبعمائة, فلما كان في ربيع الأول سنة إحدى وتسعين أطلقوا, فاستمر ابن البرهان في القاهرة علي صورة إملاق.
وكانت له مروءة ونفس أبية, حسن المذاكرة, كثير المحفوظ, مستحضرا لمسائل الخلاف بحيث أنه أملي مسألة في وضع اليمنى علي اليسرى في الصلاة وهو في السجن من غير مطالعة, دل علي وفور اطلاعه.
وقد جالسني كثيرا, وسمعت من فوائده. وكان كثير الإنذار لكثير مما وقع من الفتن والشرور, لما جبل من الإطلاع علي أحوال الناس.
ومات لأربع بقين من جمادي الأولي سنة ثمان وثمانمائة. ورأيته بعد موته فقلت له: أنت مت؟ قال: نعم. فقلت: ما فعل الله بك؟ فتغير تغيرا شديدا حتى ظننت أنه غاب, ثم أفاق, فقال: نحن الآن بخير, لكن النبي صلي الله عليه وسلم عتبان عليك, فقلت: لماذا؟ قال لميلك إلي الحنفية, فاستيقظت متعجبا! وكنت قلت لكثير من الحنفية: إني لأود لو كنت علي مذهبكم, فقال: لماذا؟ قلت: لكون الفروع مبنية علي الأصول, فاستغفرت الله تعالي من ذلك. ولقد كنت أنسيت هذا المنام, فذكرنيه شهاب الدين أحمد بن أبي بكر البوصيري بعد عشر سنين. وقد سمع ابن البرهان المذكور ببغداد وحلب ودمشق وغيرها من جماعة من المسندين إذ ذاك.
٨٣/م- ومن مسموعه علي شمس الدين محمد بن أحمد ابن الصفي الغزولي: "منتقي الذهبي من المعجم الصغير للطبراني" رأيته بخط الشرف القدسي, ووصفه فيه: "بالشيخ الإمام" وفي الطبقة صدر الدين الياسوفي بقراءة الحسباني وذلك في سنة سبع وثمانين.
ورأيت البرهان الحلبي يطري ابن البرهان ويصفه بالفضل, وسمع معه