وكان يتأنى في البحث، ولا يغضب إلاّ نادراً، لكن فيه زهو شديد وبأوٌ زائد، وإعجاب بالغ بحيث إني سمعته يقول للقاضي جلال مرة وقد قال له: أنت إمام العربية، فقال: لا تخصّص. وسمعته يقول للقاضي شمس الدين ابن الديري وقد قال عنه: هذا عالم بمذهب الحنفية. فقال قل شيخ المذاهب.
وكان شديد الميل إلى التجارة والزراعة ووجوه تحصيل الأموال.
وولي قضاء الديار المصرية في أوائل سنة ثمان عشرة إلى أن مات.
وأول ما توعك أنه وقع من سلّم بعد أن عزم على الحج، فتأخر وفاسخ الجمّال، واستمر متمرضاً، ثم عرض له قولنج، فتمادى به إلى أن أعقبه الصرع، فمات منه يوم الخميس العشرين من صفر سنة ثمان وعشرين وثماني مائة.
جالسته كثيراً، وسمعت من فوائده، وطارحني بأبيات بائية، وبأخرى رائية، وأجبته، وأجاب عن الجواب فأجبته، وأجاز في استدعاء ابني، ورأيت مرة بخطه:"كتبه عليّ بن محمود السَّلَمِي - بفتح السين واللام" فسُئِلَ عن ذلك فقال: هي نسبة إلى سَلَمية، والله تعالى يعفو عنه.