ولد سنة ست وخمسين وسبعمائة واشتغل ببلاده وتفنن في العلوم، ودخل بلاد العجم، ولقي الكبار.
ثم قدم القاهرة سنة سبع وعشرين، فتولى "الأشرفية الجديدة" فباشرها مدة.
ثم أخرج منها في سنة تسع وعشرين، وحجّ، ودخل الروم.
ثم رجع في سنة أربع وثلاثين إلى القاهرة. وأنشدني من لفظه في قصة اتفقت له، قال: أنشدني الشيخ شهاب الدين نعمان الحنفي العالم المشهور بما وراء النهر، وهو والد القاضي عبد الجبار:
إذا اعتذر الفقير إليك يوما نجاوز عن معاصيه الكبيرة
فإن الشافعي روي حديثا بإسناد صحيح عن مغيرة
بأن قال النبي يقيل ربي بعذر واحد ألفي كبيرة
وحضر مجلس الحديث بالقلعة في شهر رمضان سنة أربع وثلاثين. ووقعت منه فلتات لسان حمله عليها بعض الناس، فيما زعم، ثم اعتذر عن ذلك، ورام من السلطان أمراً فلم يصل إليه، فتوجه إلى بلاد الروم في البحر في أواخر السنة المذكورة.
ثم عاد في أثناء سنة تسع وثلاثين، وحضر مجلس الحديث بالقلعة، وجرى على سنته المعروفة في حِدّة الخلق والشراسة، وغير ذلك مما يشاهده الحاضرون، وليس بمدفوع عن العلم والاستعداد، ولكنه يحب الشهرة.