وأول شيء وليه من المناصب الملوكية: إفتاء دار الهدل رفيقاً لبهاء الدين السبكي في سنة خمس وستين وله يومئذ إحدى وأربعون سنة. وقد كتب له الشيخ أثير الدين أبو حيان وسنة إذ ذاك دون العشرين: قرأ علي الشيخ الفقيه العالم المفنن سراج الدين عمر البلقيني جميع "الكافية الشافية في النحو" قراءة بحث وتفهم وتنبيه على ما أغفله الناظم فكان يبادر إلى حل ما قراه علي من مشكل وغيره فصار بذلك إماماً ينتفع به في هذا الفن العربي مع ما منحه الله من علمه في الشريعة المحمدية بحيث نال في الفقه وأصوله الرتبة العليا وتأهل للتدريس والقضاء والفتيا. وكان الشيخ بهاء الدين ابن عقيل يقول: هو أحق الناس بالفتيا فى زمانه. وذكر لي ولده قاضي القضاة جلال الدين أنه كان يلقي "الحاوي" دروساً في أيام يسيرة من أغربها أنه ألقاه في ثمانية أيام. وقرأت بخط المحدث برهان الدين الحلبي: أن الشيخ ذكر له أن الشيخ شرف الدين ابن قاضي الجبل لما دخل القاهرة اجتمع به في مدعاه وأنه قال له: أيما أحفظ أنا أم أنت؟ فقال له شيخنا: تذكر أأذكر؟ قال: بل أذكر قال شيخنا: فشرعت من أول أبواب الفقه أذكر الحديث وما يناسبه من تصحيح وتضعيف إلى ان طلع الفجر وقد وصلت إلى كتاب النكاح فقام وقبل بين عيني وقال: ما رأيت بعد