وَقَدْ أَشْكَلَ عَلَى جَمْعٍ مِنْ الْفُضَلَاءِ قَالَ: شَرَعَ الشَّارِعُ الْأَحْكَامَ وَشَرَعَ لَهَا أَسْبَابًا وَجَعَلَ مِنْ جُمْلَةِ مَا شَرَعَهُ مِنْ الْأَسْبَابِ الشَّكَّ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ: مُجْمَعٌ عَلَى اعْتِبَارِهِ كَمِنْ شَكَّ فِي الشَّاةِ الْمُذَكَّاةِ وَالْمَيِّتَةِ، وَكَمَنْ شَكَّ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ وَأُخْتِهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ، وَمُجْمَعٌ عَلَى إلْغَائِهِ كَمَنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا.
وَهَلْ سَهَا فِي صَلَاتِهِ أَمْ لَا، فَالشَّكُّ هُنَا لَغْوٌ وَقِسْمٌ ثَالِثٌ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي نَصْبِهِ سَبَبًا كَمَنْ شَكَّ هَلْ أَحْدَثَ أَمْ لَا، اعْتَبَرَهُ مَالِكٌ دُونَ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ حَلَفَ يَمِينًا وَشَكَّ مَا هِيَ، وَمَنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا وَقَالَ فِي الْفَرْقِ الْعَاشِرِ بَيْنَ الشَّكِّ فِي السَّبَبِ وَالشَّكِّ فِي الشَّرْطِ: فَرْقٌ الشَّكِّ فِي الطَّهَارَةِ شَكٌّ فِي شَرْطٍ، وَالشَّكُّ فِي الطَّلَاقِ شَكٌّ فِي سَبَبٍ، إذْ الطَّلَاقُ سَبَبُ زَوَالِ الْعِصْمَةِ، وَالْقَاعِدَةُ: كُلُّ مَشْكُوكٍ اجْعَلْهُ كَالْعَدَمِ، يَبْقَى فِي الْبَحْثِ فِيمَنْ أَيْقَنَ بِالْوُضُوءِ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ (إلَّا الْمُسْتَنْكِحَ) تَقَدَّمَ مَا لِابْنِ يُونُسَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَنْكِحًا وَهُوَ لِلْمُوَسْوَسِ.
وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: يَبْنِي عَلَى أَوَّلِ خَاطِرَيْهِ إنْ سَبَقَ إلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ أَكْمَلَ وُضُوءَهُ أَوْ أَنَّهُ عَلَى وُضُوئِهِ فَلَا يُعِيدُ، وَإِنْ سَبَقَ إلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ لَمْ يُكْمِلْ أَعَادَ وَلِأَنَّهُ فِي الْخَاطِرِ الْأَوَّلِ مُشَابِهٌ لِلْعُقَلَاءِ، وَفِي الثَّانِي مُفَارِقٌ لَهُمْ.
(وَبِشَكٍّ فِي سَابِقِهِمَا) ابْنُ الْعَرَبِيِّ: لَوْ تَيَقَّنَ طُهْرًا وَحَدَثًا شَكَّ فِي السَّابِقِ مِنْهُمَا فَلَا نَصَّ لِعُلَمَائِنَا وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: الْحُكْمُ نَقِيضُ مَا كَانَ عَلَيْهِ وَهُوَ صَحِيحُ أَقْوَالِنَا إلْغَاءُ الشَّكِّ، فَمَنْ كَانَ قَبْلَ الْفَجْرِ مُحْدِثًا جَزَمَ بَعْدَهُ بِوُضُوءٍ وَحَدَثَ شَكٌّ فِي الْأَحْدَاثِ مِنْهَا يَتَوَضَّأُ لِتَيَقُّنِ وُضُوئِهِ وَشَكِّ نَقْضِهِ، وَلَوْ كَانَ مُتَوَضِّئًا فَمُحْدِثٌ لِتَيَقُّنِ حَدَثِهِ وَشَكِّ رَفْعِهِ ابْنُ مُحَرِّزٍ يَجِبُ الْوُضُوءُ فِيهِمَا.
(لَا بِمَسِّ دُبُرٍ) رَوَى ابْنُ رُشْدٍ إلْغَاءَ مَسِّ الدُّبُرِ وَلَوْ الْتَذَّ (أَوْ أُنْثَيَيْنِ) التَّلْقِينُ: لَا وُضُوءَ مِنْ مَسِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَلَا مِنْ أَكْلِ شَيْءٍ أَوْ شُرْبِهِ كَانَ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ أَوْ مِمَّا لَمْ تَمَسَّهُ وَلَا مِنْ قَهْقَهَةٍ فِي الصَّلَاةِ وَلَا مِنْ ذَبْحِ بَهِيمَةٍ وَلَا مِنْ قَيْءٍ وَلَا مِنْ حِجَامَةٍ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ.
(أَوْ فَرْجِ صَغِيرَةٍ) الْقَرَافِيُّ: مَسُّ ذَكَرِ الصَّبِيِّ وَفَرْجِ الصَّبِيَّةِ وَفَرْجِ الْبَهِيمَةِ لَا يُوجِبُ وُضُوءًا اُنْظُرْ قَبْلَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَمُطْلَقُ مَسِّ ذَكَرِهِ " (وَقَيْءٍ وَأَكْلِ جَزُورٍ وَذَبْحٍ وَحِجَامَةٍ وَقَهْقَهَةٍ بِصَلَاةٍ) هَذَا كُلُّهُ نَصُّ التَّلْقِينِ.
(وَمَسِّ امْرَأَةٍ فَرْجَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute