الْحَائِطِ وَكَيْفِيَّةُ قَبْضِهِ لِمَالِكِهِ وَشُرُوعُهُ وَإِنْ لِنِصْفِ شَهْرٍ) اُنْظُرْ هَذِهِ الْعِبَارَةَ، وَحَاصِلُ مَا يَتَقَرَّرُ أَنَّهُ يَجُوزُ الشِّرَاءُ مِنْ حَائِطٍ بِعَيْنِهِ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ سَلَمًا أَوْ بَيْعًا، وَأَمَّا قَبْلَ إزْهَائِهِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ جُمْلَتِهِ وَلَا الْبَيْعُ مِنْهُ.
قَالَ اللَّخْمِيِّ: السَّلَمُ فِي الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ يَجُوزُ بِشُرُوطِ أَنْ يَكُونَ السَّلَمُ بَعْدَ مَا أَزْهَى، وَأَنْ يَكُونَ الَّذِي شُرِطَ أَخْذُهُ لَا يَتَعَذَّرُ قَبْضُهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ تِلْكَ الْأَيَّامِ وَيَذْكُرُ مَا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَكَوْنَ الْحَائِطِ مِلْكَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ. اللَّخْمِيِّ: وَيَبْقَى زَهْوُ ذَلِكَ الْحَائِطِ أَوْ رُطَبُهُ إلَى آخِرِ تِلْكَ الْأَيَّامِ وَلَا يَنْقَطِعُ، وَيَجُوزُ فِي هَذَا تَأْخِيرُ رَأْسِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ تُقَدِّمْ رَأْسَ الْمَالِ لَمْ تُسَمِّهِ سَلَمًا.
وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: إنْ سَمَّيَاهُ. بَيْعًا وَلَمْ يَذْكُرْ أَجَلًا فَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ بِعَقْدِ الْبَيْعِ يَجِبُ لَهُ قَبْضُ جَمِيعِ ذَلِكَ وَهُوَ جَائِزٌ لَا فَسَادَ فِيهِ، فَإِنْ أَخَذَهُ بِتَأْخِيرِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فِي الْحَائِطِ فَقَالَ مَالِكٌ: هَذَا قَرِيبٌ، وَأَمَّا إنْ سَمَّيَاهُ سَلَمًا فَإِنْ اشْتَرَطَا مَا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ إمَّا مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ أَوْ مِنْ بَعْدِ أَجَلٍ ضَرَبَهُ فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يَضْرِبَا أَجَلًا وَلَا ذَكَرَ إمَّا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ وَلَا مَتَى مَا يَأْخُذُهُ، فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ لِأَنَّهُ لَمَّا سَمَّيَا سَلَمًا كَانَ لَفْظُ السَّلَمِ يَقْتَضِي التَّرَاخِيَ، عَلِمَ أَنَّهُمَا قَصَدَا التَّأْخِيرَ فَفَسَدَ ذَلِكَ (وَأَخْذُهُ بُسْرًا أَوْ رُطَبًا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنَّمَا يَصْلُحُ السَّلَمُ فِي الْحَائِطِ بِعَيْنِهِ إذَا أَزْهَى وَشُرِطَ أَخْذُهُ بُسْرًا أَوْ رُطَبًا لَا تَمْرًا لَا مِنْ مُدَّةِ إرْطَابِهِ وَغُرِّرَ بَعْدَ مُدَّةِ صَيْرُورَتِهِ تَمْرًا وَسَوَاءٌ قَدَّمَ النَّقْدَ أَوْ ضَرَبَ لَهُ أَجَلًا، وَهَذَا عِنْدَ مَالِكٍ مَحْمَلُ الْبَيْعِ لَا مَحْمَلُ السَّلَمِ. ابْنُ بَشِيرٍ: إنَّمَا سُمِّيَ هَذَا سَلَمًا مَجَازًا وَمَا هُوَ إلَّا بَيْعُ مُعَيَّنٍ.
(فَإِنْ شَرَطَ تَتَمُّرَ الرُّطَبِ مَضَى بِقَبْضِهِ وَهَلْ الْمُزْهِي كَذَلِكَ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ أَوْ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ؟ تَأْوِيلَانِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ سَلِمَ فِي حَائِطٍ بِعَيْنِهِ بَعْدَ زَهْوِهِ وَشَرَطَ أَخْذَ ذَلِكَ تَمْرًا لَمْ يَجُزْ لِبُعْدِ ذَلِكَ وَقِلَّةِ أَمْنِ الْجَوَائِحِ.
قَالَ ابْنُ شَبْلُونَ: فَإِنْ نَزَلَ فُسِخَ وَلَيْسَ كَاَلَّذِي يُسْلَمُ فِيهِ وَقَدْ أَرْطَبَ وَشَرَطَ أَخْذَ ذَلِكَ تَمْرًا لِأَنَّ الزَّهْوَ مِنْ التَّمْرِ بَعِيدٌ وَالرُّطَبُ قَرِيبٌ.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: إنَّمَا يُكْرَهُ ذَلِكَ بَدْءًا، فَإِنْ نَزَلَ وَفَاتَ مَضَى.
وَكَذَلِكَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ يُونُسَ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَقَوْلِهِ: إذَا أَسْلَمَ فِي الزَّرْعِ وَقَدْ أَفْرَكَ وَشَرَطَ أَخْذَهُ حَبًّا فَقَدْ جَعَلَهُ إذَا فَاتَ مَضَى فَكَذَلِكَ هَذَا.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَوْ اشْتَرَى الثَّمَرَةَ جُزَافًا بَعْدَ أَنْ طَابَتْ جَازَ تَرْكُهَا حَتَّى تَيْبَسَ وَالسَّقْيُ عَلَى الْبَائِعِ بِخِلَافِ مَا اشْتَرَى عَلَى الْكَيْلِ. ابْنُ يُونُسَ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مُشْتَرِيَ الثَّمَرَةِ جُزَافًا بِطِيَابِهَا وَإِمْكَانِ جِدَادِهَا تَرْتَفِعُ الْجَائِحَةُ مِنْهَا وَيَصِيرُ الْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ قَابِضًا لَهَا فَهُوَ كَاَلَّذِي يَشْتَرِيهَا عَلَى الْكَيْلِ وَيَشْتَرِطُ أَخْذَهَا رُطَبًا، وَأَمَّا إنْ اشْتَرَاهَا عَلَى الْكَيْلِ وَاشْتَرَطَ أَخْذَهَا تَمْرًا فَالْجَائِحَةُ أَبَدًا فِيهَا مِنْ الْبَائِعِ حَتَّى يَقْبِضَهَا الْمُبْتَاعُ، فَهَذَا أَشَدُّ فِي الْغَرَرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute