للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْدُ بِخِلَافِ لَوْ شَرَطَ دَفْعَهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ. اُنْظُرْ تَصَوُّرَ هَذَا فِي الْخَارِجِ (فَإِنْ نَكَلَ حَلَفْت) مَا نَقَلَ ابْنُ يُونُسَ فِي الْمُتَّهَمِ إذَا نَكِلَ إلَّا عَدَمَ رَدِّ الْيَمِينِ.

وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: الْأَظْهَرُ أَنْ تُلْحَقَ الْيَمِينُ إذَا قَوِيَتْ التُّهْمَةُ وَتَسْقُطُ إذَا ضَعُفَتْ وَأَنْ لَا تَرْجِعَ إذَا لَحِقَتْ، فَيَبْقَى النَّظَرُ هَلْ يَكُونُ قَوْلُهُ: " فَإِنْ نَكِلَ حَلَفْت " رَاجِعٌ إلَى مَسْأَلَةِ " وَلَمْ يُفِدْهُ شَرْطُ نَفْيِهَا " أَوْ هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى دَعْوَى الرَّدِّ فَانْظُرْهُ أَنْتَ (وَلَا إنْ شَرَطَ الدَّفْعَ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ بِلَا بَيِّنَةٍ) تَقَدَّمَ قَوْلُ مَالِكٍ: لَوْ شَرَطَ الرَّسُولُ أَنْ يَدْفَعَ الْمَالَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لَمْ يَضْمَنْ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ» .

(وَبِقَوْلِهِ تَلِفَتْ قَبْلَ أَنْ تَلْقَانِي بَعْدَ مَنْعِهِ دَفْعَهَا) رَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ لَهُ عِنْدَ رَجُلٍ مَالُ وَدِيعَةٍ فَطَلَبَهُ مِنْهُ فَاعْتَذَرَ بِشَغْلٍ وَأَنَّهُ يَرْكَبُ إلَى مَوْضِعِ كَذَا فَلَمْ يَقْبَلْ عُذْرَهُ فَتَصَايَحَا فَحَلَفَ أَنْ لَا يُعْطِيَهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَلَمَّا كَانَ فِي غَدٍ قَالَ ذَهَبْتَ قَبْلَ أَنْ تَلْقَانِي، ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِهَا. وَإِنْ قَالَ لَا أَدْرَى مَتَى ذَهَبَتْ حَلَفَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.

قَالَ أَصْبَغُ: وَيَحْلِفُ مَا عَلِمَ بِذَهَابِهَا حِينَ مَنَعَهُ (كَقَوْلِهِ بَعْدَهُ بِلَا عُذْرٍ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ قَالَ ذَهَبَتْ بَعْدَمَا حَلَفْتُ وَفَارَقْتُكَ ضَمِنَهَا؛ لِأَنَّهُ مَنَعَهَا إيَّاهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَانَ عَلَى أَمْرٍ لَا يَسْتَطِيعُ فِيهِ أَنْ يَرْجِعَ وَيَكُونَ عَلَيْهِ فِيهِ ضَرَرٌ فَلَا يَضْمَنُ.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: إذَا قَالَ: أَنَا مَشْغُولٌ إلَى غَدٍ فَرَجَعَ إلَيْهِ فَقَالَ تَلِفَتْ قَبْلَ مَجِيئِكَ الْأَوَّلِ أَوْ بَعْدَهُ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَا أَدْفَعُهَا إلَيْكَ إلَّا بِالسُّلْطَانِ فَتَرَافَعَا إلَيْهِ فَضَاعَتْ بَيْنَ سُؤَالِهِ إيَّاهُ وَبَيْنَ إتْيَانِهِ السُّلْطَانَ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّ لَهُ فِي ذَلِكَ عُذْرًا يَقُولُ خِفْتُ شَغَبَهُ وَأَذَاهُ (لَا إنْ قَالَ لَا أَدْرِي مَتَى تَلِفَتْ) اُنْظُرْهُ قَبْلَ قَوْلِهِ: " بَعْدَهُ ".

(وَبِمَنْعِهَا حَتَّى يَأْتِيَ الْحَاكِمُ إنْ لَمْ تَكُنْ بِبَيِّنَةٍ) ابْنُ رُشْدٍ: لَوْ أَبَى مِنْ دَفْعِهَا إلَّا بِالسُّلْطَانِ فَهَلَكَتْ فِي تَرَافُعِهِمَا فَفِي ضَمَانِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>