للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيمَنْ شَهِدَ لِرَجُلٍ فِي ذِكْرِ حَقٍّ لَهُ فِيهِ شَيْءٌ: لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ بِخِلَافِ شَهَادَتِهِ عَلَى وَصِيَّةٍ أَوْصَى لَهُ فِيهَا بِشَيْءٍ. هَذَا إنْ كَانَ الَّذِي أَوْصَى لَهُ فِيهَا شَيْءٌ تَافِهٌ لَا يَتَّهِمُ عَلَيْهِ جَازَتْ لَهُ وَلِغَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ تُجَازَ الشَّهَادَةُ وَيُرَدُّ بَعْضُهَا.

وَقَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ هَلَكَ فَشَهِدَ رَجُلٌ أَنَّهُ أَوْصَى لِقَوْمٍ بِوَصَايَا وَأَوْصَى لِلشَّاهِدِ مِنْهَا بِوَصِيَّةٍ وَأَسْنَدَ الْوَصِيَّةَ إلَى الشَّاهِدِ وَهُوَ يَشْهَدُ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ: فَإِنْ كَانَ الَّذِي شَهِدَ بِهِ لِنَفْسِهِ تَافِهًا لَا يُتَّهَمُ عَلَى مِثْلِهِ جَازَتْ شَهَادَتُهُ. ابْنُ يُونُسَ: ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ وَغَيْرِهَا. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْوَصِيَّةَ فِيهَا ضَرُورَةٌ أَوْ قَدْ يَخْشَى الْمُوصِي مُعَاجَلَةَ الْمَوْتِ وَلَا يَحْضُرُهُ إلَّا الَّذِي أَوْصَى لَهُ وَلَا ضَرُورَةَ تَلْحَقُهُ فِي غَيْرِهَا مِنْ الْحُقُوقِ، وَكَمَا أَجَازُوا شَهَادَةَ الصِّبْيَانِ لِلضَّرُورَةِ وَشَهَادَةَ النِّسَاءِ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُهُنَّ فَكَذَلِكَ هَذَا.

(وَلَا إنْ دَفَعَ كَشَهَادَةِ بَعْضِ الْعَاقِلَةِ بِفِسْقِ شُهُودِ الْقَتْلِ) عَدَّ ابْنُ الْحَاجِبِ مِنْ مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ أَنْ يَدْفَعَ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ كَشَهَادَةِ بَعْضِ الْعَاقِلَةِ بِفِسْقِ شُهُودِ الْقَتْلِ خَطَأً ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: أَطْلَقُوا الْقَوْلَ بِرَدِّ هَذِهِ الشَّهَادَةِ مَعَ أَنَّ الْفَقِيرَ لَا يَلْزَمُهُ أَدَاءٌ وَالْمِقْدَارَ الَّذِي يَلْزَمُ الْغَنِيَّ أَدَاؤُهُ يَسِيرٌ جِدًّا.

ابْنُ عَرَفَةَ: ظَاهِرُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ هَذَا الْفَرْعَ مَقُولٌ لِغَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَلَا أَعْرِفُهُ إلَّا لِلْمَازِرِيِّ وَوَجِيزُ الْغَزَالِيِّ (وَالْمِدْيَانِ الْمُعْسِرِ لِرَبِّهِ) اُنْظُرْ عِنْدَ قَوْلِهِ " أَوْ مَدْيُونٍ لِمَدِينِهِ ".

(وَلَا مُفْتٍ عَلَى مُسْتَفْتِيهِ إنْ كَانَ فِيمَا يُنَوَّى فِيهِ) اُنْظُرْ هَذِهِ الْعِبَارَةَ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: مِنْ أَقْسَامِ الشَّهَادَاتِ شَهَادَةٌ لَا يَجُوزُ الْقِيَامُ بِهَا وَلَوْ دُعِيَ إلَيْهَا وَهِيَ الَّتِي يُعْلَمُ مِنْ بَاطِنِهَا خِلَافُ مَا يُوجِبُ ظَاهِرَهَا كَالرَّجُلِ يَأْتِي الْعَالِمَ فَيَقُولُ حَلَفْت بِالطَّلَاقِ أَنْ لَا أُكَلِّمَ فُلَانًا فَكَلَّمْته بَعْدَ ذَلِكَ بِشَهْرٍ لِأَنِّي كُنْت نَوَيْت أَنِّي لَا أُكَلِّمُهُ إلَى شَهْرٍ، فَإِنْ دَعَتْهُ امْرَأَتُهُ لِيَشْهَدَ لَهَا فِيمَا أَقَرَّ بِهِ عِنْدَهُ مَنْ حَلَّفَهُ بِالطَّلَاقِ أَنْ لَا يُكَلِّمَهُ وَأَنَّهُ كَلَّمَهُ بَعْدَ شَهْرٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَإِلَّا رَفَعَ.

(وَلَا إنْ شَهِدَ بِاسْتِحْقَاقٍ وَقَالَ أَنَا بِعْته لَهُ وَلَا إنْ حَدَثَ فِسْقٌ بَعْدَ الْأَدَاءِ) الَّذِي لِابْنِ يُونُسَ: إنْ ارْتَدَّ الشُّهُودُ أَوْ فَسَقَوْا قَبْلَ الْحُكْمِ لَمْ يُحْكَمْ بِشَهَادَتِهِمْ وَسَقَطَتْ وَإِنْ ظَهَرَ مِنْهُمْ فِسْقٌ أَوْ أُخِذُوا يُشْرِبُونَ خَمْرًا وَذَلِكَ بَعْدَ حُكْمِ الْإِمَامِ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ أَوْ الْقِصَاصِ لَا أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَقُمْ بَعْدُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَنْفَدُ وَيُقِيمُ الْحَدَّ وَالْقِصَاصَ لِأَنَّهُ حُكْمٌ نَفَذَ الْأَمْرُ بِهِ.

قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَإِذَا كَتَبَ الْقَاضِي شَهَادَةَ رَجُلٍ وَلَمْ يَحْكُمْ حَتَّى قَتَلَ قَتِيلًا عَلَى نَائِرَةٍ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>