قَذَفَ رَجُلًا وَقَاتَلَ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ، فَلَا تَسْقُطُ بِهَذَا شَهَادَتُهُ الَّتِي وَقَعَتْ عِنْدَ الْحُكْمِ إلَّا أَنْ يَحْدُثَ مَا يَسْتُرُهُ النَّاسُ مِنْ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ فَتَسْقُطُ شَهَادَتُهُ تِلْكَ.
قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: لِأَنَّهُ مِمَّا يَظُنُّ أَنَّهُ فَعَلَهُ قَدِيمًا. وَلَوْ حُكِمَ بِشَهَادَةِ بَيِّنَةٍ فِي حَدٍّ فَلَمْ يُقَمْ حَتَّى ظَهَرَ مِنْهُمْ شُرْبُ الْخَمْرِ أَوْ فِسْقٌ أَوْ ارْتِدَادٌ فَالْحُكْمُ نَافِذٌ لَا يُرَدُّ، وَاذَا لَمْ يُحْكَمْ بِهَا بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ. وَقَالَهُ أَشْهَبُ، وَهُوَ كَالرُّجُوعِ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ.
قَالَ أَشْهَبُ: وَلَوْ قَاتَلَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ قَبْلَ الْحُكْمِ وَبَعْدَ الشَّهَادَةِ لَمْ يُبْطِلْ ذَلِكَ شَهَادَتَهُمْ. وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. انْتَهَى مِنْ ابْنِ يُونُسَ.
ابْنُ عَرَفَةَ: قَالَ أَشْهَبُ: إنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عِنْدَ قَاضٍ ثُمَّ جَنَتْ أَوْ شَجَّتْ خَطَأً لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهَا، وَإِنْ أَحْدَثَتْ بَعْدَ أَدَائِهَا قَبْلَ الْحُكْمِ بِهَا بَعْدَ تَعْدِيلِهَا مَا يُمْكِنُ إسْرَارُهُ كَشُرْبِ خَمْرٍ رُدَّتْ شَهَادَتُهَا. مُحَمَّدٌ: مِمَّا يُظَنُّ أَنَّهُ فَعَلَهُ قَدِيمًا وَلَيْسَ مِمَّا يُعْلِنُهُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ إسْرَارُهُ.
قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: كَقَتْلٍ عَلَى نَائِرَةٍ أَوْ قَذْفٍ أَوْ قَتْلِ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ فَفِي رَدِّهَا قَوْلَانِ. وَسَمِعَ سَحْنُونَ ابْنَ الْقَاسِمِ: مَنْ شَهِدَ وَهُوَ عَدْلٌ فَلَمْ يَحْكُمْ الْحَاكِمُ بِشَهَادَتِهِ حَتَّى وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ خُصُومَةٌ لَمْ تُرَدَّ بِذَلِكَ شَهَادَتُهُ، فَلَمْ يَزِدْ فِيهَا ابْنُ رُشْدٍ شَيْئًا.
(بِخِلَافِ تُهْمَةِ جَرٍّ وَدَفْعٍ وَعَدَاوَةٍ) ابْنُ رُشْدٍ: التُّهْمَةُ بِالْعَدَاوَةِ تَحْدُثُ وَالظِّنَّةُ تَقَعُ لَا تُؤَثِّرُ فِي إجَازَةِ الشَّهَادَةِ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ لِذَلِكَ سَبَبٌ قَبْلَ أَدَائِهَا كَمَنْ شَهِدَ لِامْرَأَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَشَهِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ يَخْطُبُهَا قَبْلَ أَنْ يَشْهَدَ لَهَا.
وَقَالَ أَصْبَغُ: إنْ خَاصَمَ الشَّاهِدُ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ بَعْدَ الشَّهَادَةِ لَمْ تَبْطُلْ شَهَادَتُهُ إلَّا أَنْ يُقِرَّ أَنَّ مَا يُطَالِبُهُ بِهِ قَبْلَ إيقَاعِ الشَّهَادَةِ.
(وَلَا عَالِمٍ عَلَى مِثْلِهِ) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: خُذُوا الْعِلْمَ حَيْثُ وَجَدْتُمْ وَلَا تَقْبَلُوا شَهَادَةَ الْفُقَهَاءِ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ لِأَنَّهُمْ يَتَغَايَرُونَ كَمَا يَتَغَايَرُ التُّيُوسُ فِي الزَّرِيبَةِ.
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute