فِي كِتَابِ الْقِرَاضِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَالْوَاضِحَةِ. فَإِذَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالُهُ بَعْدَ أَعْوَامٍ زَكَّى لِكُلِّ سَنَةٍ قِيمَةَ مَا بِيَدِهِ مِنْ الْمَتَاعِ إنْ كَانَ قِيمَةُ مَا كَانَ بِيَدِهِ فِي أَوَّلِ سَنَةٍ مِائَةً، وَفِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِائَتَيْنِ، وَفِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ ثَلَاثَمِائَةٍ، زَكَّى لِأَوَّلِ سَنَةٍ مِائَةً، وَلِلسَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِائَتَيْنِ، وَلِلسَّنَةِ الثَّالِثَةِ ثَلَاثَمِائَةٍ إلَّا مَنْ تَنْقُصُهُ الزَّكَاةُ.
وَاخْتُلِفَ إنْ كَانَ قِيمَةُ مَا بِيَدِهِ فِي أَوَّلِ سَنَةٍ ثَلَاثَمِائَةٍ. وَفِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِائَتَيْنِ، وَفِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ مِائَةً. فَقِيلَ: يُزَكِّي لِكُلِّ سَنَةٍ مَا كَانَ بِيَدِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي كِتَابِ الْقِرَاضِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ. وَقِيلَ: يُزَكِّي مِائَةً كُلَّ سَنَةٍ وَهُوَ الْآتِي عَلَى مَا فِي الْوَاضِحَةِ. وَاَلَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا إذْ لَا مَعْنَى لِتَأْخِيرِ الزَّكَاةِ إلَى حِينِ الْمُفَاصَلَةِ مَعَ حُضُورِ الْمَالِ إلَّا مَخَافَةَ النُّقْصَانِ انْتَهَى.
اُنْظُرْ قَوْلَهُ فَإِذَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالُهُ زَكَّى لِكُلِّ سَنَةٍ وَزَادَ عَلَى هَذَا بِقَوْلِهِ إذْ لَا مَعْنَى لِتَأْخِيرِهِ الزَّكَاةَ إلَى آخِرِ كَلَامِهِ مِثْلُ هَذَا عَنْ اللَّخْمِيِّ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ قَالَ عَنْهُمَا: لَا يُزَكِّي إلَّا عِنْدَ الْمُفَاصَلَةِ. قَالَ: وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يُزَكِّي الْمَالَ وَيُخْرِجُ زَكَاةَ الْمَالِ مِنْ عِنْدَهُ لَا مِنْ الْقِرَاضِ.
قَالَ: وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَاَلَّذِي لِابْنِ يُونُسَ مَا نَصُّهُ: لَا يُزَكِّي الْعَالَمُ حِصَّتَهُ إلَّا عِنْدَ الْمُقَاسَمَةِ لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ، وَأَمَّا رَبُّ الْمَالِ فَإِنَّهُ إذَا جَاءَ شَهْرُ زَكَاتِهِ زَكَّى مَا لَهُ بِيَدِ الْعَامِلِ إنْ كَانَ مِنْ مَالِ الْإِدَارَةِ وَيُقَوِّمُ سِلَعَ الْقِرَاضِ فَيُزَكِّي رَأْسَ مَالِهِ وَحِصَّةَ رِبْحِهِ.
ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ فَيُزَكِّيهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ كَمَا تَأَوَّلْنَا فِي مَاشِيَةِ الْقِرَاضِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَعُجِّلَتْ زَكَاةُ الْمَاشِيَةِ " (أَوْ الْعَامِلُ) ابْنُ رُشْدٍ: إنْ كَانَ الْعَامِلُ مُدِيرًا وَرَبُّ الْمَالِ غَيْرَ مُدِيرٍ وَاَلَّذِي بِيَدِ الْعَامِلِ الْأَكْثَرُ أَوْ الْأَقَلُّ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: إنَّ الْمَالَيْنِ إذَا كَانَا يُدَارُ أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ يُزَكَّى الْمُدَارُ عَلَى سَنَةِ الْإِدَارَةِ كَانَ الْأَقَلَّ أَوْ الْأَكْثَرَ، فَالْحُكْمُ فِي هَذَا كُلِّهِ مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ إذَا كَانَا مَعًا مُدِيرَيْنِ.
ابْنُ رُشْدٍ: وَكَذَا هُوَ الْحُكْمُ إذَا كَانَ رَبُّ الْمَالِ مُدِيرًا وَالْعَامِلُ غَيْرَ مُدِيرٍ وَاَلَّذِي بِيَدِهِ هُوَ الْأَقَلُّ (مِنْ غَيْرِهِ) هَذَا فَرْعُ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ فَبَنَى عَلَى طَرِيقَةِ ابْنُ يُونُسَ وَعَلَى مَا عَزَاهُ اللَّخْمِيِّ لِابْنِ حَبِيبٍ وَلِظَاهِرِ قَوْلِ مَالِكٍ. وَتَقَدَّمَ أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ مَا عَوَّلَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذَا.
(وَصَبَرَ إنْ غَابَ فَزَكَّى لِسَنَةِ الْفَضْلِ مَا فِيهَا وَسَقَطَ مَا زَادَ قَبْلَهَا وَإِنْ نَقَصَ فَلِكُلِّ مَا فِيهَا وَأَزْيَدَ وَأَنْقَصَ قُضِيَ بِالنَّقْصِ عَلَى مَا قَبْلَهُ) ابْنُ رُشْدٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute