وَأَوْصَلَهُ فِي النَّهْرِ: إلَى نَيِّفٍ وَثَلَاثِينَ
(وَحُكْمُهُ) أَيْ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ لَوْ لَهُ مُجِيزٌ حَالَ وُقُوعِهِ كَمَا مَرَّ (قَبُولُ الْإِجَازَةِ) مِنْ الْمَالِكِ (إذَا كَانَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي وَالْمَبِيعُ قَائِمًا) بِأَنْ لَا يَتَغَيَّرَ الْمَبِيعُ بِحَيْثُ يُعَدُّ شَيْئًا آخَرَ؛ لِأَنَّ إجَازَتَهُ كَالْبَيْعِ حُكْمًا (وَكَذَا) يُشْتَرَطُ قِيَامُ (الثَّمَنِ) أَيْضًا (لَوْ) كَانَ عَرْضًا (مُعَيَّنًا) لِأَنَّهُ مَبِيعٌ مِنْ وَجْهٍ فَيَكُونُ مِلْكًا لِلْفُضُولِيِّ،
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ. الْبَيْعُ الْمَوْقُوفُ نَيِّفٌ وَثَلَاثُونَ. (قَوْلُهُ: وَأَوْصَلَهُ) أَيْ الْبَيْعَ الْمَوْقُوفَ. (قَوْلُهُ: إلَى نَيِّفٍ وَثَلَاثِينَ) أَيْ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ، ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ مِنْهَا ثَلَاثَةً وَعِشْرِينَ صُورَةً وَذَكَرَ فِي النَّهْرِ بَيْعَ غَيْرِ الرَّشِيدِ فَإِنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الْقَاضِي. وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا الْبَيْعُ مِنْهُ وَبَيْعُ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ بَعْدَ الْقَبْضِ مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْمُشْتَرِي، وَمَا شُرِطَ فِيهِ الْخِيَارُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ فَإِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ، وَشِرَاءُ الْوَكِيلِ نِصْفَ عَبْدٍ وَكَّلَ فِي شِرَاءِ كُلِّهِ فَإِنَّهُ مَوْقُوفٌ إنَّ اشْتَرَى الْبَاقِي قَبْلَ الْخُصُومَةِ نَفَذَ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَبَيْعُ نَصِيبِهِ مِنْ مُشْتَرَكٍ بِالْخَلْطِ أَوْ الِاخْتِلَاطِ فَإِنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ شَرِيكِهِ وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ أَوَّلَ كِتَابِ الشَّرِكَةِ، وَبَيْعُ الْمَوْلَى عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ فَإِنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الْغُرَمَاءِ، وَكَذَا بَيْعُهُ أَكْسَابَهُ وَبَيْعُ وَكِيلِ الْوَكِيلِ بِلَا إذْنٍ فَإِنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ. وَبَيْعُ الصَّبِيِّ بِشَرْطِ الْخِيَارِ إذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ فِي الْمُدَّةِ، وَالْبَيْعُ بِمَا حَلَّ بِهِ أَوْ بِمَا يُرِيدُهُ أَوْ بِمَا يُحِبُّ أَوْ بِرَأْسِ مَالِهِ أَوْ بِمَا اشْتَرَاهُ. اهـ. أَيْ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى بَيَانِهِ فِي الْمَجْلِسِ كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ ط.
(قَوْلُهُ: قَبُولُ الْإِجَازَةِ) أَيْ وَلَوْ تَدَاوَلَتْهُ الْأَيْدِي كَمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا. (قَوْلُهُ: مِنْ الْمَالِكِ) أَفَادَ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ إجَازَةُ وَارِثِهِ كَمَا يَذْكُرُهُ قَرِيبًا وَيُغْنِي عَنْ هَذَا تَصْرِيحُ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ الْإِجَازَةِ قِيَامُ صَاحِبِ الْمَتَاعِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَا يَتَغَيَّرَ الْمَبِيعُ) عُلِمَ مِنْهُ حُكْمُ هَلَاكِهِ بِالْأَوْلَى، فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ جَازَ الْبَيْعُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَوَّلًا وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ، ثُمَّ رَجَعَ أَبُو يُوسُفَ وَقَالَ لَا يَصِحُّ حَتَّى يُعْلَمَ قِيَامُهُ عِنْدَ الْإِجَازَةِ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ وَقَعَ فِي شَرْطِ الْإِجَازَةِ فَلَا يَثْبُتُ مَعَ الشَّكِّ فَتْحٌ وَنَهْرٌ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي وَقْتِ الْهَلَاكِ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ أَنَّهُ هَلَكَ بَعْدَ الْإِجَازَةِ لَا لِلْمُشْتَرِي أَنَّهُ هَلَكَ قَبْلَهَا كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يُعَدُّ شَيْئًا آخَرَ) بَيَانٌ لِلْمَنْفِيِّ وَهُوَ التَّغَيُّرُ، فَلَوْ صَبَغَهُ الْمُشْتَرِي فَأَجَازَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ جَازَ، وَلَوْ قَطَّعَهُ وَخَاطَهُ ثُمَّ أَجَازَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ شَيْئًا آخَرَ مِنَحٌ وَدُرَرٌ، وَمِثْلُهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ، وَيُخَالِفُهُ مَا فِي الْبَحْرِ وَالْبَزَّازِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ أَجَازَهُ بَعْدَ الصَّبْغِ لَا يَجُوزُ تَأَمَّلْ.
وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: بَاعَ دَارًا فَانْهَدَمَ بِنَاؤُهَا ثُمَّ أَجَازَ يَصِحُّ لِبَقَاءِ الدَّارِ بِبَقَاءِ الْعَرْصَةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ إجَازَتَهُ كَالْبَيْعِ حُكْمًا) أَيْ وَلَا بُدَّ فِي الْبَيْعِ مِنْ قِيَامِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ. (قَوْلُهُ: لَوْ كَانَ عَرْضًا مُعَيَّنًا) بِأَنْ كَانَ بَيْعَ مُقَابَضَةٍ فَتْحٌ، وَقَيَّدَهُ بِالتَّعْيِينِ؛ لِأَنَّ الِاحْتِرَازَ عَنْ الدَّيْنِ إنَّمَا يَحْصُلُ بِهِ فَإِنَّ الْعَرْضَ قَدْ يَكُونُ دَيْنًا عَلَى مَا سَتَقِفُ عَلَيْهِ ابْنُ كَمَالٍ أَيْ كَالسَّلَمِ. (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ مِلْكًا لِلْفُضُولِيِّ) أَيْ فَإِذَا هَلَكَ يَهْلِكُ عَلَيْهِ ط وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ عَلَى الْإِجَازَةِ؛ لِأَنَّ إجَازَةَ الْمَالِكِ إجَازَةُ نَقْدٍ لَا إجَازَةُ عَقْدٍ، بِمَعْنَى أَنَّ الْمَالِكَ أَجَازَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَنْقُدَ مَا بَاعَهُ ثَمَنًا لِمَا مَلَكَهُ بِالْعَقْدِ لَا إجَازَةُ عَقْدٍ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَازِمٌ عَلَى الْفُضُولِيِّ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْعِوَضُ مُتَعَيِّنًا كَانَ شِرَاءً مِنْ وَجْهٍ، وَالشِّرَاءُ لَا يَتَوَقَّفُ بَلْ يَنْفُذُ عَلَى الْمُبَاشِرِ إنْ وَجَدَ نَفَاذًا فَيَكُونُ مِلْكًا لَهُ وَبِإِجَازَةِ الْمَالِكِ لَا يَنْتَقِلُ إلَيْهِ بَلْ تَأْثِيرُ إجَازَتِهِ فِي النَّقْدِ لَا فِي الْعَقْدِ، ثُمَّ يَجِبُ عَلَى الْفُضُولِيِّ مِثْلُ الْمَبِيعِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا صَارَ الْبَدَلُ لَهُ صَارَ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ بِمَالِ الْغَيْرِ مُسْتَقْرِضًا لَهُ فِي ضِمْنِ الشِّرَاءِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ، كَمَا لَوْ قَضَى دَيْنَهُ بِمَالِ الْغَيْرِ. وَاسْتِقْرَاضُ غَيْرِ الْمِثْلِيِّ جَائِزٌ ضِمْنًا وَإِنْ لَمْ يَجُزْ قَصْدًا، أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّجُلَ إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى عَبْدٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute