للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْوَةً، وَمَعْلُومٌ قَطْعًا أَنَّهَا مَا أُحْدِثَتْ بَلْ كَانَتْ مَوْجُودَةً قَبْلَ الْفَتْحِ.

وَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عُمَّالِهِ: " أَنْ لَا تَهْدِمُوا كَنِيسَةً وَلَا بِيعَةً وَلَا بَيْتَ نَارٍ ".

وَلَا يُنَاقِضُ هَذَا مَا حَكَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَنَّهُ أَمَرَ بِهَدْمِ الْكَنَائِسِ، فَإِنَّهَا الَّتِي أُحْدِثَتْ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ، وَلِأَنَّ الْإِجْمَاعَ قَدْ حَصَلَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهَا مَوْجُودَةٌ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ.

وَفَصْلُ الْخِطَابِ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْإِمَامَ يَفْعَلُ فِي ذَلِكَ مَا هُوَ الْأَصْلَحُ لِلْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ كَانَ أَخْذُهَا مِنْهُمْ أَوْ إِزَالَتُهَا هُوَ الْمَصْلَحَةَ - لِكَثْرَةِ الْكَنَائِسِ أَوْ حَاجَةِ الْمُسْلِمِينَ إِلَى بَعْضِهَا وَقِلَّةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ - فَلَهُ أَخْذُهَا أَوْ إِزَالَتُهَا بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ، وَإِنْ كَانَ تَرْكُهَا أَصْلَحَ - لِكَثْرَتِهِمْ وَحَاجَتِهِمْ إِلَيْهَا وَغِنَى الْمُسْلِمِينَ عَنْهَا - تَرَكَهَا، وَهَذَا التَّرْكُ تَمْكِينٌ لَهُمْ مِنَ الِانْتِفَاعِ بِهَا لَا تَمْلِيكٌ لَهُمْ رِقَابَهَا، فَإِنَّهَا قَدْ صَارَتْ مِلْكًا لِلْمُسْلِمِينَ، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَهَا مِلْكًا لِلْكُفَّارِ؟ وَإِنَّمَا هُوَ امْتِنَاعٌ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ، فَلِلْإِمَامِ انْتِزَاعُهَا مَتَى رَأَى

<<  <  ج: ص:  >  >>