وَمَا انْهَدَمَ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَبْنُوهُ، ثُمَّ ذَكَرَ النُّصُوصَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ وَابْنِ مُشَيْشٍ، وَاخْتَارَ الْخَلَّالُ مَنْعَ الْبِنَاءِ وَجَوَازَ رَمِّ الشَّعَثِ.
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيُّ: يُمْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: حَتَّى إِنِ انْهَدَمَ حَائِطُ الْبِيعَةِ مُنِعُوا مِنْ إِعَادَتِهِ وَرَدِّهِ، وَإِنِ انْثَلَمَ مُنِعُوا مِنْ سَدِّهِ، وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يُطَيِّنُوا وَجْهَ الْحَائِطِ الَّذِي يَلِينَا مُنِعُوا مِنْهُ، وَإِنْ طَيَّنُوا الْحَائِطَ الَّذِي يَلِي الْبِيعَةَ كَانَ لَهُمْ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إِنْ بَنَوْا دُونَ هَذَا الْحَائِطِ الَّذِي يَلِي الْبِيعَةَ حَتَّى يُهْدَمَ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُمْ يُمْنَعُونَ مِنَ الْإِحْدَاثِ وَهَذِهِ الْإِعَادَةُ إِحْدَاثٌ، وَأَبَى ذَلِكَ سَائِرُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَقَالُوا: نَحْنُ قَدْ أَقْرَرْنَاهُمْ عَلَى الْبِيَعِ فَلَوْ مَنَعْنَاهُمْ مِنْ رُقْعِ مَا اسْتَرَمَّ مِنْهُ وَإِعَادَةِ مَا انْهَدَمَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْقَلْعِ وَالْإِزَالَةِ؛ إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُزِيلَهَا وَبَيْنَ أَنْ يُقِرَّهَا عَلَيْهِمْ ثُمَّ يَمْنَعَهُمْ مِنْ عِمَارَتِهَا.
وَاخْتَلَفَتِ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى قَوْلَيْنِ أَيْضًا؛ فَقَالَ ابْنُ الْمَاجَشُونِ: يُمْنَعُونَ مِنْ رَمِّ كَنَائِسِهِمُ الْقَدِيمَةِ إِذَا رَثَّتْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي شَرْطِ عَقْدِهِمْ، وَنَقَلَ أَبُو عُمَرَ أَنَّهُمْ لَا يُمْنَعُونَ مِنْ إِصْلَاحِ مَا وَهَى مِنْهَا.
وَاحْتَجَّ الْقَاضِي عَلَى الْمَنْعِ بِحَدِيثٍ رَوَاهُ عَنِ الْخَطِيبِ عَنِ ابْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute