وَهَذَا لَوْ صَحَّ لَكَانَ كَالنَّصِّ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَلَكِنْ لَا يَثْبُتُ هَذَا الْإِسْنَادُ، وَلَكِنْ فِي شُرُوطِ عُمَرَ عَلَيْهِمْ: " وَلَا يُجَدَّدُ مَا خُرِّبَ مِنْ كَنَائِسِنَا ".
قَالُوا: وَلِأَنَّ تَجْدِيدَهَا بِمَنْزِلَةِ إِحْدَاثِهَا وَإِنْشَائِهَا فَلَا يُمَكَّنُونَ مِنْهُ.
قَالُوا: وَلِأَنَّهُ بِنَاءٌ لَا يُمْلَكُ إِحْدَاثُهُ، فَلَا يُمْلَكُ تَجْدِيدُهُ كَالْبِنَاءِ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: الْبَانِي فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ لَا يَمْلِكُ الِاسْتِدَامَةَ فَلَا يَمْلِكُ التَّجْدِيدَ، وَهَؤُلَاءِ يَمْلِكُونَ الِاسْتِدَامَةَ فَمَلَكُوا التَّجْدِيدَ، قِيلَ: لَا يَلْزَمُ هَذَا فَإِنَّهُ لَوْ أَعَارَهُ حَائِطًا لِوَضْعِ خَشَبَةٍ عَلَيْهِ جَازَ لَهُ اسْتِدَامَةُ ذَلِكَ، فَلَوِ انْهَدَمَ الْحَائِطُ فَبَنَاهُ صَاحِبُهُ لَمْ يَمْلِكِ الْمُسْتَعِيرُ تَجْدِيدَ الْمَنْفَعَةِ.
وَكَذَلِكَ لَوْ مَلَكَ الذِّمِّيُّ دَارًا عَالِيَةَ الْبُنْيَانِ جَازَ لَهُ أَنْ يَسْتَدِيمَ ذَلِكَ، فَلَوِ انْهَدَمَتْ فَأَرَادَ بِنَاءَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَبْنِيَهَا عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ، بَلْ يُسَاوِي بِهَا بُنْيَانَ جِيرَانِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ يَحُطُّهَا عَنْهُ.
وَأَيْضًا لَوْ فَتَحَ الْإِمَامُ بَلَدًا فِي بِيعَةٍ خَرَابٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ بِنَاؤُهَا بَعْدَ الْفَتْحِ، كَذَلِكَ هَاهُنَا.
وَأَيْضًا فَإِنَّهُ إِذَا انْهَدَمَ جَمِيعُهَا زَالَ الِاسْمُ عَنْهَا، وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ: لَا دَخَلْتُ دَارًا، فَانْهَدَمَتْ جَمِيعُهَا وَدَخَلَ بَرَاحَهَا لَمْ يَحْنَثْ لِزَوَالِ الِاسْمِ.
فَلَوْ قُلْنَا: يَجُوزُ بِنَاؤُهَا إِذَا انْهَدَمَتْ كَانَ فِيهِ إِحْدَاثُ بِيعَةٍ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ بِيعَةٌ أَصْلًا.
قَالَ الْمُجَوِّزُونَ، وَهُمْ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَكَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَبَعْضُ أَصْحَابِ أَحْمَدَ: لَمَّا أَقْرَرْنَاهُمْ عَلَيْهَا تَضَمَّنَ إِقْرَارُنَا لَهُمْ جَوَازَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute