رَمِّهَا وَإِصْلَاحِهَا وَتَجْدِيدِ مَا خُرِّبَ مِنْهَا، وَإِلَّا بَطَلَتْ رَأْسًا؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ لَا يَبْقَى أَبَدًا، فَلَوْ لَمْ يَجُزْ تَمْكِينُهُمْ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ إِقْرَارُهَا.
قَالَ الْمَانِعُونَ: نَحْنُ نُقِرُّهُمْ فِيهَا مُدَّةَ بَقَائِهَا كَمَا نُقِرُّ الْمُسْتَأْمَنَ مُدَّةَ أَمَانِهِ. وَسِرُّ الْمَسْأَلَةِ أَنَّا أَقْرَرْنَاهُمُ اتِّبَاعًا لَا تَمْلِيكًا، فَإِنَّا مَلَكْنَا رَقَبَتَهَا بِالْفَتْحِ وَلَيْسَتْ مِلْكًا لَهُمْ.
وَاخْتَارَ صَاحِبُ " الْمُغْنِي " جَوَازَ رَمِّ الشَّعَثِ وَمَنْعِ بِنَائِهَا إِذَا اسْتُهْدِمَتْ قَالَ: لِأَنَّ فِي كِتَابِ أَهْلِ الْجَزِيرَةِ لِعِيَاضِ بْنِ غَنْمٍ: " وَلَا نُجَدِّدُ مَا خُرِّبَ مِنْ كَنَائِسِنَا ". وَرَوَى كَثِيرُ بْنُ مُرَّةَ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «لَا تُبْنَى كَنِيسَةٌ فِي الْإِسْلَامِ وَلَا يُجَدَّدُ مَا خُرِّبَ مِنْهَا» ".
قَالَ: وَلِأَنَّ هَذَا بِنَاءُ كَنِيسَةٍ فِي الْإِسْلَامِ فَلَمْ يَجُزْ، كَمَا لَوِ ابْتُدِئَ بِنَاؤُهَا، وَفَارَقَ رَمَّ مَا شَعِثَ مِنْهَا فَإِنَّهُ إِبْقَاءٌ وَاسْتِدَامَةٌ وَهَذَا إِحْدَاثٌ.
قَالَ: وَقَدْ حَمَلَ الْخَلَّالُ قَوْلَ أَحْمَدَ: " لَهُمْ أَنْ يَبْنُوا مَا انْهَدَمَ مِنْهَا " أَيْ: إِذَا انْهَدَمَ بَعْضُهَا، " وَمَنَعَهُ مِنْ بِنَاءِ مَا انْهَدَمَ " عَلَى مَا إِذَا انْهَدَمَتْ كُلُّهَا، فَجَمَعَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute