فِي دَارِهِ مَا شَاءَ مِنْ أَمْرِ دِينِهِ، وَالذِّمِّيُّ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُظْهِرَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ شَيْئًا مِنْ دِينِهِ الْبَاطِلِ.
الْجَوَابُ الثَّالِثُ: أَنَّ مُجَرَّدَ نَكْثِ الْأَيْمَانِ مُقْتَضٍ لِلْمُقَاتَلَةِ وَلَوْ تَجَرَّدَ عَنِ الطَّعْنِ فِي الدِّينِ، وَضَرَرُهُ أَشَدُّ مِنْ ضَرَرِ الطَّعْنِ فِي الدِّينِ عَلَيْنَا، فَإِذَا كَانَ أَيْسَرُ الْأَمْرَيْنِ مُقْتَضِيًا لِلْمُقَاتَلَةِ فَكَيْفَ بِأَشَدِّهِمَا؟
الْجَوَابُ الرَّابِعُ: أَنَّ الذِّمِّيَّ إِذَا سَبَّ اللَّهَ وَالرَّسُولَ أَوْ عَابَ الْإِسْلَامَ عَلَانِيَةً فَقَدْ نَكَثَ يَمِينَهُ وَطَعَنَ فِي دِينِنَا، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ يُعَاقَبُ عَلَى ذَلِكَ بِمَا يَرْدَعُهُ وَيُنَكَّلُ بِهِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُعَاهِدْنَا عَلَيْهِ؛ إِذْ لَوْ كَانَ مُعَاهَدًا عَلَيْهِ لَمْ تَجُزْ عُقُوبَتُهُ عَلَيْهِ كَمَا لَا يُعَاقَبُ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ وَأَكْلِ الْخِنْزِيرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَإِذَا كُنَّا عَاهَدْنَاهُ عَلَى أَلَّا يَطْعَنَ فِي دِينِنَا ثُمَّ طَعَنَ فَقَدْ نَكَثَ يَمِينَهُ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِ، فَيَجِبُ قَتْلُهُ بِنَصِّ الْآيَةِ.
قَالَ شَيْخُنَا: وَهَذِهِ دَلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ جِدًّا؛ لِأَنَّ الْمُنَازِعَ سَلَّمَ لَنَا أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ ذَلِكَ بِالْعَهْدِ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ لَكِنَّهُ يَقُولُ: " لَيْسَ كُلُّ مَا مُنِعَ مِنْهُ يَنْقُضُ عَهْدَهُ كَإِظْهَارِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ ". وَلَكِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ مَنْ وُجِدَ مِنْهُ فِعْلُ مَا مَنَعَ مِنْهُ الْعَهْدُ مِمَّا لَا يَضُرُّ بِنَا ضَرَرًا بَيِّنًا، كَتَرْكِ الْغِيَارِ مَثَلًا وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَإِظْهَارِ الْخِنْزِيرِ، وَبَيْنَ مَنْ وُجِدَ مِنْهُ فِعْلُ مَا مُنِعَ مِنْهُ الْعَهْدُ مِمَّا فِيهِ غَايَةُ الضَّرَرِ بِالْمُسْلِمِينَ وَبِالدِّينِ، فَإِلْحَاقُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ بَاطِلٌ.
يُوَضِّحُ ذَلِكَ الْجَوَابُ الْخَامِسُ: أَنَّ النَّكْثَ هُوَ مُخَالَفَةُ الْعَهْدِ، فَمَتَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute