مِنْ بَقَائِهِ عَلَى الْعَهْدِ مَعَ الْمُجَاهَرَةِ بِالطَّعْنِ فِي الدِّينِ، بَلْ إِنْ أَمْكَنَ بَقَاؤُهُ عَلَى الْعَهْدِ مَعَ الْمُجَاهَرَةِ بِالطَّعْنِ فِي الدِّينِ وَسُنَّةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَمْكَنَ بَقَاؤُهُ عَلَيْهِ مَعَ الْمُحَارَبَةِ بِالْيَدِ وَمَنْعِ إِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ، وَهَذَا وَاضِحٌ لَا خَفَاءَ بِهِ.
الْجَوَابُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ صِفَةٍ مِنْ هَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ مَا يُبَيَّنُ فِي الْحُكْمِ، وَإِلَّا فَالْوَصْفُ الْعَدِيمُ التَّأْثِيرِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْحُكْمُ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: مَنْ أَكَلَ وَزَنَى حُدَّ، ثُمَّ قَدْ تَكُونُ كُلُّ صِفَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ بِالتَّأْثِيرِ لَوِ انْفَرَدَتْ، كَمَا يُقَالُ: يُقْتَلُ هَذَا لِأَنَّهُ زَانٍ مُرْتَدٌّ. وَقَدْ يَكُونُ مَجْمُوعُ الْجَزَاءِ مُرَتَّبًا عَلَى الْمَجْمُوعِ، وَلِكُلِّ وَصْفٍ تَأْثِيرٌ فِي الْبَعْضِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الفرقان: ٦٨] .
وَقَدْ تَكُونُ تِلْكَ الصِّفَاتُ مُتَلَازِمَةً، كُلٌّ مِنْهَا لَوْ فُرِضَ تَجَرُّدُهُ لَكَانَ مُؤَثِّرًا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِقْلَالِ، فَيُذْكَرُ إِيضَاحًا وَبَيَانًا لِلْمُوجِبِ.
وَقَدْ يَكُونُ بَعْضُهَا مُسْتَلْزِمًا لِلْبَعْضِ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقِّ} [آل عمران: ٢١] وَهَذِهِ الْآيَةُ مِنْ أَيِّ الْأَقْسَامِ فُرِضَتْ كَانَتْ دَلِيلًا؛ لِأَنَّ أَقْصَى مَا يُقَالُ: إِنَّ نَقْضَ الْعَهْدِ هُوَ الْمُبِيحُ لِلْقِتَالِ وَالطَّعْنِ فِي الدِّينِ مُؤَكِّدٌ لَهُ مُوجِبٌ لَهُ، فَنَقُولُ إِذَا كَانَ الطَّعْنُ يُغَلِّظُ قِتَالَ مَنْ لَيْسَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ عَهْدٌ وَيُوجِبُهُ؛ فَلِأَنْ يُوجِبَ قَتْلَ مَنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ ذِمَّةٌ - وَهُوَ مُلْتَزِمٌ لِلصَّغَارِ - أَوْلَى، فَإِنَّ الْمُعَاهِدَ لَهُ أَنْ يُظْهِرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute