وَكَذَلِكَ مَضَتْ سُنَّةُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ بِتَغْلِيظِ الدِّيَةِ إِذَا تَغَلَّظَ الْقَتْلُ بِأَحَدِ هَذِهِ الْأَسْبَابِ.
وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ قِيلَ لَهُ: «أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ؟ - قَالَ: " أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ ". قِيلَ لَهُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: " أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خِيفَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ ". قِيلَ لَهُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: " أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ» ". وَلَا شَكَّ أَنَّ مَنْ قَطَعَ الطَّرِيقَ مَرَّاتٍ مُتَعَدِّدَةً وَسَفَكَ دَمَ خَلْقٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَكَثُرَ مِنْهُ أَخْذُ الْأَمْوَالِ كَانَ جُرْمُهُ أَعْظَمَ مِنْ جُرْمِ مَنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ مِنْهُ ذَلِكَ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ مَنْ أَكْثَرَ مِنْ سَبِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ نَظَّمَ الْقَصَائِدَ فِي سَبِّهِ فَإِنَّ جُرْمَهُ أَعْظَمُ مِنْ جُرْمِ مَنْ سَبَّهُ بِالْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ الْمَنْثُورَةِ، بِحَيْثُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ إِقَامَةُ الْحَدِّ عَلَيْهِ أَوْكَدَ، وَالِانْتِصَارُ مِنْهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْجَبَ، وَلَوْ كَانَ الْمُقِلُّ أَهْلًا أَنْ يُعْفَى عَنْهُ لَمْ يَكُنْ هَذَا أَهْلًا لِذَلِكَ.
لَكِنَّ هَذِهِ الْأَدِلَّةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ جِنْسَ الْأَذَى لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمُطْلَقُ السَّبِّ الظَّاهِرِ مُهْدِرٌ لِدَمِ الذِّمِّيِّ نَاقِضٌ لِعَهْدِهِ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " «مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ؟ فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» ". وَذَلِكَ اسْمٌ مُطْلَقٌ لَيْسَ مُقَيَّدًا بِنَوْعٍ وَلَا قَدْرٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute