حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنِ الرَّجُلِ يَأْتِي الْقَرْيَةَ فَيَتَقَبَّلُهَا وَفِيهَا النَّخْلُ وَالشَّجَرُ وَالزَّرْعُ وَالْعُلُوجُ فَقَالَ: لَا يَتَقَبَّلُهَا فَإِنَّهُ لَا خَيْرَ فِيهَا.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَإِنَّمَا أَصْلُ كَرَاهَةِ هَذَا أَنَّهُ بَيْعُ ثَمَرٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَلَمْ يُخْلَقْ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ.
فَأَمَّا الْمُعَامَلَةُ عَلَى الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَكِرَاءِ الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ فَلَيْسَا مِنَ الْقَبَالَاتِ وَلَا يَدْخُلَانِ فِيهَا، وَقَدْ رُخِّصَ فِي هَذَيْنِ وَلَا نَعْلَمُ الْمُسْلِمِينَ اخْتَلَفُوا فِي كَرَاهَةِ الْقَبَالَاتِ انْتَهَى.
وَهَذَا الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو عُبَيْدٍ هُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَجَعَلُوا كِرَاءَ الشَّجَرِ بِمَنْزِلَةِ بَيْعِ الثَّمَرِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهُ، وَنَازَعَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ وَقَالُوا: لَيْسَتْ إِجَارَةُ الشَّجَرِ مِنْ بَيْعِ الثَّمَرِ فِي شَيْءٍ وَإِنَّمَا هِيَ بِمَنْزِلَةِ إِجَارَةِ الْأَرْضِ لِمَنْ يَقُومُ عَلَيْهَا وَيَزْرَعُهَا لِيَسْتَغِلَّهَا.
وَهَذَا مَذْهَبُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ اخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَأَبُو الْوَفَاءِ بْنُ عَقِيلٍ وَهُوَ الَّذِي نَخْتَارُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute