للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ فَعَلَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيمَا حَكَاهُ عَنْهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مَسَائِلِ ابْنِهِ صَالِحٍ، أَنَّهُ قَبِلَ حَدِيقَةَ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ ثَلَاثَ سِنِينَ وَقَضَى بِهِ دَيْنًا كَانَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَى عُمَرَ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ مَعَ شُهْرَةِ هَذِهِ الْقِصَّةِ، وَهَذَا إِنْ لَمْ يَكُنْ إِجْمَاعًا إِقْرَارِيًّا فَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَا نَعْلَمُ لَهُ مُخَالِفًا.

وَمِنَ الْعَجَبِ أَخْذُ أَبِي عُبَيْدٍ بِحَدِيثِ مُجَالِدٍ - وَهُوَ ضَعِيفٌ - عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عُمَرَ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ، وَإِنَّمَا فِيهِ السُّكُوتُ عَنْ جَرِيبِ الشَّجَرِ لَمْ يَذْكُرْهُ بِنَفْيٍ وَلَا إِثْبَاتٍ، وَتَرْكُهُ حَدِيثَ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ، وَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ أَئِمَّةٌ حُفَّاظٌ وَقَدْ حَفِظَ الثَّقَفِيُّ مَا لَمْ يَحْفَظِ الشَّعْبِيُّ وَأَنَّهُ جَعَلَ عَلَى جَرِيبِ الْكَرْمِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، قَالَ: وَلَمْ يَذْكُرِ النَّخْلَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ حَفِظَ الْقِصَّةَ وَمَيَّزَ بَيْنَ مَا ذَكَرَهُ وَمَا لَمْ يَذْكُرْهُ، فَهَذَا عُمَرُ وَعُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ قَدْ وَضَعَا عَلَى الشَّجَرِ أُجْرَةً لَازِمَةً مُؤَبَّدَةً، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ.

وَقَدْ صَرَّحَ أَبُو عُبَيْدٍ وَالْفُقَهَاءُ مِنْ بَعْدِهِ بِأَنَّ الْخَرَاجَ أُجْرَةٌ.

قَالَ: وَمَعْنَى الْخَرَاجِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ إِنَّمَا هُوَ الْكِرَاءُ وَالْغَلَّةُ، أَلَا تَرَاهُمْ يُسَمُّونَ غَلَّةَ الْأَرْضِ وَالدَّارِ وَالْمَمْلُوكِ خَرَاجًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>