للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُنْقَطِعِينَ مِنَ الْجُنْدِ وَالْفُقَرَاءِ وَغَيْرِهِمْ، وَفِي ذَلِكَ فَسَادٌ عَظِيمٌ، فَإِنَّا لَوْ مَكَّنَّاهُمْ مِنَ الدُّخُولِ فِي أَرْضِ الْعُشْرِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَا عُشْرَ عَلَيْهِمْ لَتَهَافَتُوا وَتَهَالَكُوا عَلَيْهَا لِكَثْرَةِ الْمُغَلِّ وَقِلَّةِ الْمَئُونَةِ فَتَذْهَبُ حُقُوقُ الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا بَاطِلٌ.

وَقِيَاسُ الْأَرْضِ عَلَى الْمَوَاشِي وَالْعُرُوضِ قِيَاسٌ فَاسِدٌ، فَإِنَّ الْمَوَاشِيَ وَالْعُرُوضَ لَا تُرَادُ لِلتَّأْبِيدِ بَلْ تَتَنَاقَلُهَا الْأَيْدِي، وَتَخْتَلِفُ عَلَيْهَا الْمُلَّاكُ وَالْأَرْضُ إِذَا صَارَتْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَا عُشْرَ عَلَيْهِ فِيهَا وَلَا خَرَاجَ، عَضَّ عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَأَمْسَكَهَا بِكِلْتَا يَدَيْهِ، وَعَطَّلَ مَصْلَحَتَهَا عَلَى أَهْلِ الْعُشْرِ وَلِهَذَا لَمَّا عَلِمَ أَبُو حَنِيفَةَ فَسَادَ هَذَا قَالَ: إِذَا اشْتَرَى أَرْضَ الْعُشْرِ تَحَوَّلَتْ خَرَاجِيَّةً.

وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا: أَنَّهُمْ لَا يُمَكَّنُونَ مِنْ شِرَاءِ أَرْضِ الْعُشْرِ وَاكْتِرَائِهَا، وَأَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ فِي زُرُوعِهِمْ وَثِمَارِهِمْ، كَمَا لَا زَكَاةَ عَلَيْهِمْ فِي مَوَاشِيهِمْ وَعُرُوضِهِمْ وَنُقُودِهِمْ.

وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي عُبَيْدٍ وَطَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَمَذْهَبُهُ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ مَنْعُهُمْ مِنْ شِرَاءِ أَرْضِ الْعُشْرِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَمَا مَصْرِفُ مَا يُؤْخَذُ مِنْ أَرْضِهِمْ؟ قِيلَ: مَصْرِفُهُ مَصْرِفُ مَا يُؤْخَذُ مِنَ التَّغْلِبِيِّ، وَفِيهِ رِوَايَتَانِ كَمَا تَقَدَّمَ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ مَصْرِفُ الْفَيْءِ فَكَذَا هَذَا.

فَإِنْ قِيلَ: فَلَوْ بَاعَهَا لِمُسْلِمٍ أَوْ أَسْلَمَ؟ فَقَالَ الْأَصْحَابُ: يَسْقُطُ عَنْهُ أَحَدُ الْعُشْرَيْنِ وَيَبْقَى الْآخَرُ وَهُوَ عُشْرُ الزَّكَاةِ، وَلَمْ يُفَصِّلُوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>