بِقَتْلِي، فَقَالَ: قُلْ، فَقَالَ: سَأُطْلِقُ لِسَانِي بِمَا يُرْضِي اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُغْضِبُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَدِ اكْتَنَفَتْ دَوْلَتَكَ كُتَّابٌ مِنَ الذِّمَّةِ أَحْسَنُوا الِاخْتِيَارَ لِأَنْفُسِهِمْ، وَأَسَاءُوا الِاخْتِيَارَ لِلْمُسْلِمِينَ وَابْتَاعُوا دُنْيَاهُمْ بِآخِرَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، خِفْتَهُمْ وَلَمْ تَخَفِ اللَّهَ وَأَنْتَ مَسْئُولٌ عَمَّا اجْتَرَحُوا وَلَيْسُوا مَسْئُولِينَ عَمَّا اجْتَرَحْتَ، فَلَا تُصْلِحْ دُنْيَاهُمْ بِفَسَادِ آخِرَتِكَ، فَإِنَّ أَخْسَرَ النَّاسِ صَفْقَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ أَصْلَحَ دُنْيَا غَيْرِهِ بِفَسَادِ آخِرَتِهِ، وَاذْكُرْ لَيْلَةً تَتَمَخَّضُ صَبِيحَتُهَا عَنْ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَأَوَّلَ لَيْلَةٍ يَخْلُو الْمَرْءُ فِي قَبْرِهِ بِعَمَلِهِ، فَبَكَى الْمُتَوَكِّلُ إِلَى أَنَّ غُشِيَ عَلَيْهِ وَطَلَبَ الرَّجُلَ فَلَمْ يُوجَدْ، فَخَرَجَ أَمْرُهُ بِلُبْسِ النَّصَارَى وَالْيَهُودِ الثِّيَابَ الْعَسَلِيَّةَ، وَأَلَّا يُمَكَّنُوا مِنْ لُبْسِ الثِّيَابِ لِئَلَّا يَتَشَبَّهُوا بِالْمُسْلِمِينَ، وَلْتَكُنْ رُكُبُهُمْ خَشَبًا، وَأَنْ تُهَدَّمَ بِيَعُهُمُ الْمُسْتَجَدَّةُ، وَأَنْ تُطَبَّقَ عَلَيْهِمُ الْجِزْيَةُ وَلَا يُفْسَحَ لَهُمْ فِي دُخُولِ حَمَّامَاتِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنْ يُفْرَدَ لَهُمْ حَمَّامَاتٌ خَدَمُهَا ذِمَّةٌ، وَلَا يَسْتَخْدِمُوا مُسْلِمًا فِي حَوَائِجِهِمْ لِنُفُوسِهِمْ، وَأَفْرَدَ لَهُمْ مَنْ يَحْتَسِبُ عَلَيْهِمْ وَكَتَبَ كِتَابًا نُسْخَتُهُ:
" أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى الْإِسْلَامَ دِينًا فَشَرَّفَهُ وَكَرَّمَهُ وَأَنَارَهُ وَنَصَرَهُ وَأَظْهَرَهُ وَفَضَّلَهُ وَأَكْمَلَهُ، فَهُوَ الدِّينُ لَا يُقْبَلُ غَيْرُهُ، قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: ٨٥] ، بَعَثَ بِهِ صَفِيَّهُ وَخِيرَتَهُ مِنْ خَلْقِهِ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَعَلَهُ خَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَإِمَامَ الْمُتَّقِينَ، وَسَيِّدَ الْمُرْسَلِينَ: {لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ} [يس: ٧٠] ، وَأَنْزَلَ كِتَابًا عَزِيزًا: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: ٤٢] ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute