قَالَ شَيْخُنَا: " وَقَدْ يُقَالُ: بَلْ هَذَا النَّهْيُ لِلرِّجَالِ ثَابِتٌ فِي حَقِّ النِّسَاءِ، وَيُقَالُ: إِنَّ قَضِيَّةَ زَيْنَبَ مَنْسُوخَةٌ، فَإِنَّهَا كَانَتْ قَبْلَ نُزُولِ آيَةِ التَّحْرِيمِ لِنِكَاحِ الْمُشْرِكَاتِ، وَهَذَا مِمَّا قَالَهُ طَائِفَةٌ: مِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ".
قُلْتُ: وَهَذَا قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ: أَمَّا خَبَرُ زَيْنَبَ فَصَحِيحٌ، وَلَا حُجَّةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ إِسْلَامَ أَبِي الْعَاصِ كَانَ قَبْلَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَلَمْ يَكُنْ نَزَلَ بَعْدُ تَحْرِيمُ الْمُسْلِمَةِ عَلَى الْمُشْرِكِ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ.
قَالَ شَيْخُنَا: " لَكِنْ يُقَالُ: فَهَذِهِ الْآيَةُ كَانَتْ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ بَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ، «ثُمَّ لَمَّا فَتَحَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَّةَ رَدَّ نِسَاءً كَثِيرًا عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ، لَمْ يُحْدِثْ نِكَاحًا، وَقَدِ احْتَبَسَ أَزْوَاجُهُنَّ عَلَيْهِنَّ، وَلَمْ يَأْمُرْ رَجُلًا وَاحِدًا بِتَجْدِيدِ النِّكَاحَ أَلْبَتَّةَ» وَلَوْ وَقَعَ ذَلِكَ لَنُقِلَ وَلَمَا أَهْمَلَتِ الْأُمَّةُ نَقْلَهُ.
قُلْتُ: وَبِهَذَا يُعْلَمُ بُطْلَانُ مَا قَالَهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ فَإِنَّهُ قَالَ: " وَلَا سَبِيلَ إِلَى خَبَرٍ صَحِيحٍ بِأَنَّ إِسْلَامَ رَجُلٍ يُقَدَّمُ عَلَى إِسْلَامِ امْرَأَتِهِ، أَوْ يُقَدَّمُ إِسْلَامُهَا عَلَيْهِ، وَأَقَرَّهُمَا عَلَى النِّكَاحِ الْأَوَّلِ، فَإِذْ لَا سَبِيلَ إِلَى هَذَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُطْلَقَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ إِطْلَاقُ الْكَذِبِ وَالْقَوْلِ بِغَيْرِ عِلْمٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute