قَالَ: فَإِنْ قِيلَ: قَدْ رُوِيَ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَسْلَمَ قَبْلَ هِنْدَ، وَامْرَأَةَ صَفْوَانَ أَسْلَمَتْ قَبْلَ صَفْوَانَ، قُلْنَا: مِنْ أَيْنَ لَكُمْ أَنَّهُمَا بَقِيَا عَلَى نِكَاحِهِمَا فَلَمْ يُجَدِّدَا عَقْدًا؟ وَهَلْ جَاءَ ذَلِكَ قَطُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مُتَّصِلٍ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ عَرَفَ ذَلِكَ فَأَقَرَّهُ؟ حَاشَ لِلَّهِ مِنْ هَذَا " انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَهَذَا مِنْ أَوَابِدِهِ، وَإِقْدَامِهِ عَلَى إِنْكَارِ الْمَعْلُومِ لِأَهْلِ الْحَدِيثِ، وَالسِّيَرِ بِالضَّرُورَةِ، بَلْ مَنْ لَهُ إِلْمَامٌ بِالسُّنَّةِ، وَأَيَّامِ الْإِسْلَامِ، وَسِيرَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَيْفِيَّةِ إِسْلَامِ الصَّحَابَةِ، وَنِسَائِهِمْ يَعْلَمُ عِلْمًا ضَرُورِيًّا لَا يَشْكُّ فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ يَعْتَبِرُ فِي بَقَاءِ النِّكَاحِ أَنْ يَتَلَفَّظَ الزَّوْجَانِ بِالْإِسْلَامِ تَلَفُّظًا وَاحِدًا، لَا يَتَقَدَّمُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِحَرْفٍ، وَلَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ بِحَرْفٍ، لَا قَبْلَ الْفَتْحِ وَلَا بَعْدَهُ إِلَى أَنْ تَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَيَعْلَمُ عِلْمًا ضَرُورِيًّا أَنَّهُ لَمْ يُفْسَخْ عَقْدُ نِكَاحِ أَحَدٍ سَبَقَ امْرَأَتَهُ بِالْإِسْلَامِ، أَوْ سَبَقَتْهُ، ثُمَّ أَسْلَمَ الثَّانِي لَا فِي الْعِدَّةِ، وَلَا بَعْدَهَا.
وَكَذَلِكَ أَيْضًا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يُجَدَّدْ نِكَاحُ أَحَدٍ سَبَقَتْهُ امْرَأَتُهُ بِالْإِسْلَامِ، أَوْ سَبَقَهَا، ثُمَّ أَسْلَمَ الثَّانِي لَا فِي الْعِدَّةِ، وَلَا بَعْدَهَا.
وَكَذَلِكَ أَيْضًا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يُجَدَّدْ نِكَاحُ أَحَدٍ سَبَقَتْهُ امْرَأَتُهُ، أَوْ سَبَقَهَا بِالْإِسْلَامِ بِحَيْثُ أَحْضَرَ الْوَلِيَّ وَالشُّهُودَ وَجَدَّدَ الْعَقْدَ وَالْمَهْرَ، وَتَجْوِيزُ وُقُوعِ مِثْلِ هَذَا - وَلَا يَنْقُلُهُ بَشَرٌ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ - يَفْتَحُ بَابَ تَجْوِيزِ الْمُحَالَاتِ، وَأَنَّهُ كَانَ لَنَا صَلَاةٌ سَادِسَةٌ، وَلَمْ يَنْقُلْهَا أَحَدٌ وَأَذَانٌ زَائِدٌ، وَلَمْ يَنْقُلْهُ أَحَدٌ، وَمِنْ هَذَا النَّمَطِ، وَذَلِكَ مِنْ أَبْطَلِ الْبَاطِلِ وَأَبْيَنِ الْمُحَالِ، فَهَذِهِ سِيرَةُ رَسُولِ اللَّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute