حَدَّهَا بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ، وَفِي قَضِيَّةِ زَيْنَبَ الشِّفَاءُ وَالْعِصْمَةُ، وَكَانَتْ سُنَّتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ إِذَا أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ، وَتَرَاضَيَا بِبَقَائِهِمَا عَلَى النِّكَاحِ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا، وَلَا يُحْوِجُهُمَا إِلَى عَقْدٍ جَدِيدٍ، فَإِذَا أَسْلَمَتِ الْمَرْأَةُ أَوَّلًا فَلَهَا أَنْ تَتَرَبَّصَ بِإِسْلَامِ زَوْجِهَا، أَيَّ وَقْتٍ أَسْلَمَ فَهِيَ امْرَأَتُهُ، وَإِذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ الْمَرْأَةَ عَلَى نَفْسِهِ، وَيُمْسِكَ بِعِصْمَتِهَا، فَلَا يُكْرِهُهَا عَلَى الْإِسْلَامِ، وَلَا يَحْبِسُهَا عَلَى نَفْسِهِ، فَلَا يَظْلِمُهَا فِي الدِّينِ، وَلَا فِي النِّكَاحِ، بَلْ إِنِ اخْتَارَتْ هِيَ أَنْ تَتَرَبَّصَ بِإِسْلَامِهِ تَرَبَّصَتْ، طَالَتِ الْمُدَّةُ، أَوْ قَصُرَتْ، وَإِنِ اخْتَارَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَ غَيْرَهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَلَهَا ذَلِكَ، وَالْعِدَّةُ هَاهُنَا لِحِفْظِ مَاءِ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ، وَأَيُّهُمَا أَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ، أَوْ بَعْدَهَا، فَالنِّكَاحُ بِحَالِهِ إِلَّا أَنْ يَخْتَارَ الرَّجُلُ الطَّلَاقَ فَيُطَلِّقُ كَمَا طَلَّقَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - امْرَأَتَيْنِ لَهُ مُشْرِكَتَيْنِ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: ١٠] ، أَوْ تَخْتَارُ الْمَرْأَةُ أَنْ تُزَوَّجَ بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا، فَلَهَا ذَلِكَ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ فِي هَذَا تَنْفِيرًا عَنِ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا عَلِمَتْ أَوِ الزَّوْجُ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْإِسْلَامِ يَزُولُ النِّكَاحُ، وَيُفَارِقُ مَنْ يُحِبُّ، وَلَمْ يَبْقَ لَهُ عَلَيْهَا سَبِيلٌ إِلَّا بِرِضَاهَا وَرِضَا وَلِيِّهَا، وَمَهْرٍ جَدِيدٍ، نَفَرَ عَنِ الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ، بِخِلَافِ مَا إِذَا عَلِمَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ مَتَى أَسْلَمَ فَالنِّكَاحُ بِحَالِهِ، وَلَا فِرَاقَ بَيْنَهُمَا إِلَّا أَنْ يَخْتَارَ هُوَ الْمُفَارَقَةَ، كَانَ فِي ذَلِكَ مِنَ التَّرْغِيبِ فِي الْإِسْلَامِ، وَمَحَبَّتِهِ مَا هُوَ أَدْعَى إِلَى الدُّخُولِ فِيهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute