للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالُوا: وَلَا يَلْزَمُنَا هَذَا إِذَا عَلِمْنَا وُجُودَ الزَّوْجِ فِي دَارِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّهُ نَادِرٌ، وَالْغَالِبُ عَدَمُ الْعِلْمِ بِهِ.

قَالُوا: وَلِهَذَا الْمَعْنَى حَكَمْنَا بِإِسْلَامِ الطِّفْلِ بِإِسْلَامِ سَابِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إِلَى مَعْرِفَةِ أَبَوَيْهِ غَالِبًا، فَجَعَلْنَاهُ كَالْمُتَحَقِّقِ، وَإِنْ عَلِمْنَا وُجُودَهُمَا حَكَمْنَا بِإِسْلَامِهِ أَيْضًا لِأَنَّهُ نَادِرٌ، هَذَا جَوَابُ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ، وَهُوَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الزَّوْجَيْنِ إِذَا سُبِيَا مَعًا فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا، وَأَنَّ الْفَسْخَ لَمْ يَكُنْ لِلِاسْتِيلَاءِ عَلَى بُضْعِ الْمَرْأَةِ، وَمِلْكِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ.

وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْفَسْخَ لَمْ يَكُنْ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ، بَلْ لِلِاسْتِيلَاءِ عَلَى جَمِيعِ مِلْكِ الرَّجُلِ وَحُقُوقِهِ - وَبُضْعُ زَوْجَتِهِ مِنْ أَمْلَاكِهِ - وَقَدِ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ وَمَلَكَهُ السَّابِي كَمَا مَلَكَ رَقَبَتَهَا، فَلَا مَعْنَى لِبَقَاءِ الْعِصْمَةِ فِي الْبُضْعِ وَحْدَهُ دُونَ سَائِرِ أَمْلَاكِهِ وَدُونَ سَائِرِ أَجْزَاءِ الْمَرْأَةِ، وَمَنَافِعِهَا، وَعَلَى هَذَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تُسْبَى وَحْدَهَا أَوْ مَعَ الزَّوْجِ، وَعَلَى هَذَا دَلَّ الْقُرْآنُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٢٤] ، نَزَلَتْ فِي السَّبَايَا فَحَرَّمَ اللَّهُ نِكَاحَ الْمُتَزَوِّجَاتِ إِلَّا الْمَسْبِيَّاتِ إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>