للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِذَلِكَ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: وَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ أَنْ تُسْبَى وَحْدَهَا أَوْ مَعَ زَوْجِهَا، وَبَيْنَ أَنْ يُعْلَمَ هَلَاكُ الزَّوْجِ، أَوْ يُعْلَمَ بَقَاؤُهُ، أَوْ يُشَكَّ فِيهِ. وَلَوْ كَانَتِ الْعِلَّةُ إِنَّمَا هِيَ الْجَهْلُ بِبَقَاءِ الزَّوْجِ، وَتَنْزِيلُ الْمَجْهُولِ كَالْمَعْدُومِ لَمَا انْفَسَخَ النِّكَاحُ مَعَ الْعِلْمِ بِوُجُودِهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ.

وَقَوْلُهُمْ: " إِنَّ هَذَا نَادِرٌ، وَالْحُكْمُ لِلْغَالِبِ " قَوْلٌ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ، فَإِنَّ الْحُكْمَ إِذَا ثَبَتَ لِعِلَّةٍ زَالَ بِزَوَالِهَا، وَلَيْسَ بَقَاءُ الزَّوْجِ فِي دَارِ الْحَرْبِ نَادِرًا، وَلَوْ كَانَ نَادِرًا - وَهُوَ مَعْلُومٌ - كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْمَفْقُودِ فِي الْمَهْلَكَةِ إِذَا عُلِمَ بَقَاؤُهُ، وَمِثْلُ هَذَا لَا يُقَالُ فِيهِ: نَادِرٌ، نِكَاحُ الْأَوَّلِ قَائِمٌ، وَوُجُودُ الزَّوْجِ مَقْطُوعٌ بِهِ، هَذَا فِي غَايَةِ الْفَسَادِ.

وَالصَّوَابُ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ، وَسِيرَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي السَّبَايَا، وَالْقِيَاسُ أَنَّ النِّكَاحَ يَنْفَسِخُ بِسِبَاءِ الْمَرْأَةِ مُطْلَقًا، فَإِنَّهَا قَدْ صَارَتْ مِلْكًا لِلسَّابِي، وَزَالَتِ الْعِصْمَةُ عَنْ مِلْكِ الزَّوْجِ لَهَا، كَمَا زَالَتْ عَنْ مِلْكِهِ لِرَقَبَتِهَا وَمَنَافِعِهَا، وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي الْخَطَّابِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>