للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرَ زُنَاةٍ.

وَالتَّزَوُّجُ بِمَنْ لَمْ يُبِحِ اللَّهُ التَّزَوُّجَ بِهَا حَرَامٌ بَاطِلٌ، فَيَكُونُ زِنًا، عَلَى أَنَّهُ عَامٌّ مَخْصُوصٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَالْعَامٌّ إِذَا خُصَّ فَمِنَ النَّاسِ مَنْ لَا يَحْتَجُّ بِهِ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى الِاحْتِجَاجِ بِهِ، لَكِنَّهُ إِذَا تَطَرَّقَ إِلَيْهِ التَّخْصِيصُ ضَعُفَ أَمْرُهُ.

وَقِيلَ: التَّخْصِيصُ بِالْمَفْهُومِ، وَالْقِيَاسِ وَقَوْلِ الصَّحَابِيِّ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ} [البقرة: ٢٢١] ، فَمَنِ اسْتَدَلَّ بِهِ فَقَدْ أَبْعَدَ النُّجْعَةَ جِدًّا، وَهُوَ إِلَى أَنْ يَكُونَ حُجَّةً عَلَيْهِ أَقْرَبُ.

قَالُوا: وَحِكْمَةُ الشَّرِيعَةِ تَقْتَضِي تَحْرِيمَهَا، لِاجْتِمَاعِ النَّقْصَيْنِ فِيهَا، وَهُمَا نَقْصُ الدِّينِ، وَنَقْصُ الرِّقِّ، بِخِلَافِ الْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ وَالْأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ، فَإِنَّ أَحَدَ النَّقْصَيْنِ جُبِرَ بِعَدَمِ الْآخَرِ.

وَقَالُوا: وَقَدْ كَانَتْ قَضِيَّةُ الْمُسَاوَاةِ فِي الْكَفَاءَةِ تَقْتَضِي كَوْنَ الْمَرْأَةِ كُفُؤًا لِلرَّجُلِ كَمَا يَكُونُ الرَّجُلُ كُفُؤًا لَهَا، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ الرِّجَالُ قَوَّامِينَ عَلَى النِّسَاءِ، وَالنِّسَاءُ عَوَانٍ عِنْدَهُمْ لَمْ يَشْتَرِطْ مُكَافَأَتَهُنَّ لِلرِّجَالِ، وَجَازَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَنْ لَا تُكَافِئُهُ لِحَاجَتِهِ إِلَى ذَلِكَ، فَإِذَا فَقَدَتْ صِفَاتِ الْكَفَاءَةِ جُمْلَةً بِحَيْثُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهَا صِفَةٌ وَاحِدَةٌ فِي دِينٍ وَلَا حُرِّيَّةٍ وَلَا عِفَّةٍ اقْتَضَتْ مَحَاسِنُ الشَّرِيعَةِ صِيَانَتَهُ عَنْهَا بِتَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ، فَهَذَا غَايَةُ مَا يُقَالُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>