للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا، وَالشَّارِعُ إِذَا مَنَعَ مِنَ الشَّيْءِ لِمَفْسَدَةٍ تُتَوَقَّعُ مِنْهُ سُدَّ بَابُ تِلْكَ الْمَفْسَدَةِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَلِهَذَا لَمَّا حَرَّمَ نِكَاحَ الْأَمَةِ إِلَّا عِنْدَ عَدَمِ الطَّوْلِ وَخَوْفِ الْعَنَتِ خَشْيَةَ إِرْقَاقِ الْوَلَدِ، لَمْ يُبِحْ نِكَاحَ الْعَاقِرِ الَّتِي لَا تَحْبَلُ، وَلَا تَلِدُ بِدُونِ الشَّرْطَيْنِ.

قَالُوا: وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: " إِنَّهُ لَا يَجُوزُ نِكَاحُهَا بَعْدَ الْعِتْقِ، فَجَازَ قَبْلَهُ فَحَاصِلُهُ قِيَاسُ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ عَلَى الْحُرَّةِ، وَهُوَ قِيَاسٌ بَاطِلٌ لِمَا عُلِمَ مِنَ الْفَرْقِ.

وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: " إِنَّهُ يَجُوزُ لِلْكَافِرِ نِكَاحُهَا، فَجَازَ لِلْمُسْلِمِ " فَمَنْ أَبْطَلَ الْقِيَاسَ، فَإِنَّ الْمَجُوسِيَّةَ يَجُوزُ لِلْمَجُوسِيِّ نِكَاحُهَا، وَلَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ، وَالْخَمْرُ وَالْخِنْزِيرُ مَالٌ عِنْدَهُمْ دُونَ الْمُسْلِمِينَ.

وَأَمَّا قِيَاسُكُمْ حِلَّ النِّكَاحِ عَلَى حِلِّ الذَّبِيحَةِ فَقِيَاسٌ فَاسِدٌ، فَإِنَّ الرِّقَّ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي الذَّبَائِحِ، وَلَهُ تَأْثِيرٌ فِي النِّكَاحِ.

قَالُوا: وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٣] ، فَالْمُرَادُ بِهِ مَا حَلَّ وَأُذِنَ فِيهِ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَأْذَنْ إِلَّا فِي ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ مِنَ النِّسَاءِ: الْحَرَائِرِ مِنَ الْمُسْلِمَاتِ، وَالْحَرَائِرِ مِنَ الْكِتَابِيَّاتِ، وَالْإِمَاءِ مِنَ الْمُسْلِمَاتِ، فَبَقِيَ الْإِمَاءُ الْكِتَابِيَّاتُ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِنَّ، فَبَقِينَ عَلَى أَصْلِ التَّحْرِيمِ.

وَلَمَّا أَذِنَ فِي وَطْئِهِنَّ بِمِلْكِ الْيَمِينِ قُلْنَا بِإِبَاحَتِهِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤] ، فَفِي الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّحْرِيمِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: {مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} [النساء: ٢٤] ، أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>