قَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ قَالَ: إِمَاءُ أَهْلِ الْكِتَابِ بِمَنْزِلَةِ حَرَائِرِهِمْ.
قَالَ الْمُحَرِّمُونَ: وَأَمَّا قِيَاسُكُمُ التَّزَوُّجَ بِالْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ عَلَى وَطْئِهَا فَقِيَاسٌ فَاسِدٌ جِدًّا، فَإِنَّ وَاطِئَ الْأَمَةِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ يَنْعَقِدُ وَلَدُهُ حُرًّا مُسْلِمًا، فَلَا يَضُرُّ وَطْءُ الْأَمَةِ الْكَافِرَةِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ، وَأَمَا وَاطِئُ الْأَمَةِ بِعَقْدِ النِّكَاحِ، فَإِنَّ وَلَدَهُ يَنْعَقِدُ رَقِيقًا لِمَالِكِ الْأَمَةِ، وَفِي ذَلِكَ التَّسَبُّبُ إِلَى إِثْبَاتِ مِلْكِ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ، فَافْتَرَقَا.
وَلِهَذَا يَجُوزُ وَطْءُ الْأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ، وَلَا يَجُوزُ وَطْؤُهَا بِعَقْدِ النِّكَاحِ إِلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ بِوُجُودِ الشَّرْطَيْنِ، وَمَا ثَبَتَ لِلضَّرُورَةِ يُقْدَرُ بِقَدْرِهَا، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَعَدَّى، وَالضَّرُورَةُ تَزُولُ بِنِكَاحِ الْأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ، فَيُقْتَصَرُ عَلَيْهَا كَمَا اقْتُصِرَ فِي جَوَازِ أَكْلِ الْمَيْتَةِ، وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ عَلَى قَدْرِ الضَّرُورَةِ.
قَالَ الْمُبِيحُونَ: هَذَا يَنْتَقِضُ عَلَيْكُمْ بِمَا لَوْ كَانَتِ الْأَمَةُ الْكَافِرَةُ كَبِيرَةً لَا يَحْبَلُ مِثْلُهَا، أَوْ كَانَتْ لِمُسْلِمٍ، فَإِنَّ الْوَلَدَ لَا يَثْبُتُ عَلَيْهِ مِلْكُ كَافِرٍ.
قَالَ الْمُحَرِّمُونَ: أَلَيْسَ الْجَوَازُ يُفْضِي إِلَى هَذَا فِيمَا إِذَا كَانَتِ الْأَمَةُ لِكَافِرٍ، وَهِيَ مِمَّنْ تَحْبَلُ؟ وَلَمْ يُفَرِّقْ أَحَدٌ بَلِ الْقَائِلُ قَائِلَانِ: قَائِلٌ بِالْجَوَازِ مُطْلَقًا، وَقَائِلٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute