للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلِهِ: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: ٥] ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْحُرُمُ هِيَ الْحُرُمَ الْمَذْكُورَةَ فِي قَوْلِهِ: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} [التوبة: ٣٦] .

قَالَ شَيْخُنَا: وَمَنْ جَعَلَ هَذِهِ هِيَ تِلْكَ فَقَوْلُهُ خَطَأٌ، وَذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ قَدْ بَيَّنَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ بِأَنَّهَا " «ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ» " وَهَذِهِ لَيْسَتْ مُتَوَالِيَةً فَلَا يُقَالُ فِيهَا: " فَإِذَا انْسَلَخَتْ " فَإِنَّ الثَّلَاثَةَ إِذَا انْسَلَخَتْ بَقِيَ رَجَبٌ، فَإِذَا انْسَلَخَ رَجَبٌ بَقِيَ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، ثُمَّ يَأْتِي الْحُرُمُ، فَلَيْسَ جَعْلُ هَذَا انْسِلَاخًا بِأَوْلَى مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يُقَالُ لِمِثْلِ هَذَا: (انْسَلَخَ) إِنَّمَا يُسْتَعْمَلُ هَذَا فِي الزَّمَنِ الْمُتَّصِلِ.

ثُمَّ إِنَّ جُمْهُورَ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ الْقِتَالَ فِي تِلْكَ الْحُرُمِ مُبَاحٌ، فَكَيْفَ يَقُولُ: فَإِذَا انْسَلَخَ ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبٌ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ، وَهُوَ قَدْ أَبَاحَ فِيهَا قِتَالَ الْمُشْرِكِينَ؟

وَأَيْضًا فَهَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ عَامَ حَجَّةِ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَكَانَ حَجُّهُ فِي ذِي الْقَعْدَةِ عَلَى الْعَادَةِ لِأَجْلِ النَّسِيءِ الَّذِي كَانُوا يَنْسَئُونَ فِيهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>