للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ آخِرُهَا الْعَاشِرَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخَرِ.

الْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ آخِرَهَا عَاشِرُ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ.

قَالَ شَيْخُنَا: وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ، فَإِنَّهُ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ أَنَّ الصِّدِّيقَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نَادَى بِذَلِكَ فِي الْمَوْسِمِ فِي الْمُشْرِكِينَ: إِنَّ لَكُمْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ تَسِيحُونَ فِيهَا، وَيَوْمَ النَّحْرِ كَانَ ذَلِكَ الْعَامُ بِالِاتِّفَاقِ عَاشِرَ ذِي الْقَعْدَةِ، فَانْقِضَاءُ الْأَرْبَعَةِ عَاشِرَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَنْسِئُونَ الْأَشْهُرَ، فَذُو الْقَعْدَةِ يَجْعَلُونَهُ مَوْضِعَ ذِي الْحِجَّةِ، وَصَفَرٌ مَوْضِعَ الْمُحَرَّمِ، وَرَبِيعٌ الْأَوَّلُ مَوْضِعَ صَفَرٍ، وَرَبِيعٌ الْآخِرُ مَوْضِعَ الْأَوَّلِ، فَالَّذِي كَانُوا يَجْعَلُونَهُ ذَا الْحِجَّةِ هُوَ ذُو الْقَعْدَةِ، وَالَّذِي جَعَلُوهُ رَبِيعًا الْآخِرَ هُوَ رَبِيعٌ الْأَوَّلُ فَمِنَ الْمُفَسِّرِينَ مَنْ تَكَلَّمَ بِعِبَارَتِهِمْ إِذْ ذَاكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ غَيَّرَ الْعِبَارَةَ إِلَى مَا اسْتَقَرَّ الْأَمْرُ عَلَيْهِ، وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَسَّمَ الْمُشْرِكِينَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

[الْأَوَّلُ:] أَهْلُ عَهْدٍ مُؤَقَّتٍ، لَهُمْ مُدَّةٌ وَهُمْ مُقِيمُونَ عَلَى الْوَفَاءِ بِعَهْدِهِمْ لَمْ يَنْقُصُوا الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا مِمَّا شَرَطُوا لَهُمْ، وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْهِمْ أَحَدًا، فَأَمَرَهُمْ بِأَنْ يُوفُوا لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ مَا دَامُوا كَذَلِكَ.

[الثَّانِي:] قَوْمٌ لَهُمْ عُهُودٌ مُطْلَقَةٌ غَيْرُ مُؤَقَّتَةٍ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَنْبِذُوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ، وَأَنْ يُؤَجِّلُوهُمْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَإِذَا انْقَضَتِ الْأَشْهُرُ الْمَذْكُورَةُ حَلَّتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>