للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُمْ دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ.

الْقِسْمُ الثَّالِثُ: قَوْمٌ لَا عُهُودَ لَهُمْ، فَمَنِ اسْتَأْمَنَ مِنْهُمْ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ أَمَّنَهُ، ثُمَّ رَدَّهُ إِلَى مَأْمَنِهِ، فَهَؤُلَاءِ يُقَاتَلُونَ مِنْ غَيْرِ تَأْجِيلٍ.

وَمَنْ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا وَظَنَّ أَنَّ الْعُهُودَ كُلَّهَا كَانَتْ مُؤَجَّلَةً فَهُوَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَقُولَ: يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْبِذَ إِلَى كُلِّ ذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ، وَإِنْ كَانَ مُؤَقَّتًا، فَهَذَا مُخَالِفٌ لِنَصِّ الْقُرْآنِ بِقَوْلِهِ: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ} [التوبة: ٤] ، وَقَدِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} [الأنفال: ٥٨] ، وَالْآيَةُ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَبَاحَ نَبْذَ عَهْدِهِمْ إِلَيْهِمْ إِذَا خَافَ مِنْهُمْ خِيَانَةً، فَإِذَا لَمْ يَخَفْ مِنْهُمْ خِيَانَةً لَمْ يَجُزِ النُّبَذُ إِلَيْهِمْ، بَلْ مَفْهُومُ هَذِهِ الْآيَةِ مُطَابِقٌ لِمَنْطُوقِ تِلْكَ.

الْأَمْرُ الثَّانِي: أَنْ يَقُولَ: بَلِ الْعَهْدُ الْمُؤَقَّتُ لَازِمٌ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَهُوَ قَوْلُ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ، فَيُقَالُ لَهُ: فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلِمَ نَبَذَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعَهْدَ إِلَى جَمِيعِ الْمُعَاهَدِينَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ؟ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ} [التوبة: ٤] ، فَقَدْ حَرَّمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>