وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
قَالُوا: فَجُعِلَ كُفْرُهُ بِفِعْلِ أَبَوَيْهِ، فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا انْقَطَعَتِ التَّبَعِيَّةُ، فَوَجَبَ إِبْقَاؤُهُ عَلَى الْفِطْرَةِ الَّتِي وُلِدَ عَلَيْهَا.
قَالُوا: وَلِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ فِيمَنْ مَاتَ أَبَوَاهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَقَضِيَّةُ الدَّارِ الْحُكْمُ بِإِسْلَامِ أَهْلِهَا، وَلِذَلِكَ حَكَمْنَا بِإِسْلَامِ لَقِيطِهَا، وَإِنَّمَا ثَبَتَ الْكُفْرُ لِلطِّفْلِ الَّذِي لَهُ أَبَوَانِ، تَغْلِيبًا لِتَبَعِيَّةِ الْأَبَوَيْنِ عَلَى حُكْمِ الدَّارِ، فَإِذَا عُدِمَا، أَوْ أَحَدُهُمَا وَجَبَ إِبْقَاؤُهُ عَلَى حُكْمِ الدَّارِ، لِانْقِطَاعِ تَبَعِيَّتِهِ لِلْكَافِرِ.
قَالُوا: وَمِمَّا يُوَضِّحُ ذَلِكَ أَنَّ الطِّفْلَ يَصِيرُ مُسْلِمًا - تَبَعًا لِإِسْلَامِ أَبِيهِ - فَكَذَلِكَ إِنَّمَا صَارَ كَافِرًا، تَبَعًا لِكُفْرِ أَبِيهِ، فَإِذَا مَاتَ الْأَبُ زَالَ مَنْ يَتْبَعُهُ فِي كُفْرِهِ، فَكَانَ الْإِسْلَامُ أَوْلَى بِهِ لِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ مُقْتَضَى الْفِطْرَةِ الْأَصْلِيَّةِ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهَا عِبَادَهُ، وَإِنَّمَا عَارَضَهَا فِعْلُ الْأَبَوَيْنِ، وَقَدْ زَالَ الْعَارِضُ، فَعَمِلَ الْمُقْتَضَى عَمَلَهُ.
الثَّانِي: أَنَّ الدَّارَ دَارُ الْإِسْلَامِ، وَلَوِ اخْتَلَطَ فِيهَا وَلَدُ الْكَافِرِ بِوَلَدِ الْمُسْلِمِ - عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَمَيَّزَانِ - حَكَمْنَا بِإِسْلَامِهِمَا تَغْلِيبًا لِلدَّارِ، وَلَوْ وُجِدَ فِيهَا لَقِيطٌ فِي مَحَلَّةِ الْكُفَّارِ لَا يُعْرَفُ لَهُ أَبٌ حَكَمْنَا بِإِسْلَامِهِ تَغْلِيبًا لِلدَّارِ، وَإِنَّمَا عَارَضَ الدَّارَ قُوَّةُ تَبَعِيَّةِ الْأَبَوَيْنِ، وَقَدْ زَالَتْ بِالْمَوْتِ، فَعَمِلَ مُقْتَضَى الدَّارِ عَمَلَهُ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَوْ سُبِيَ الطِّفْلُ مُنْفَرِدًا عَنْ أَبَوَيْهِ كَانَ مُسْلِمًا عِنْدَ الْأَئِمَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute