الْأَرْبَعَةِ، وَغَيْرِهِمْ، بَلْ وَلَوْ سُبِيَ مَعَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ لَكَانَ مُسْلِمًا فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، بَلْ أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ، وَلَوْ سُبِيَ مَعَهُمَا، وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَأَهْلِ الشَّامِ، وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ، فَإِذَا حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ فِي بَعْضِ هَذِهِ الصُّوَرِ اتِّفَاقًا، وَفِي بَعْضِهِمَا بِالدَّلِيلِ الصَّحِيحِ، كَمَا سَنَذْكُرُهُ - مَعَ تَحَقُّقِ وُجُودِ الْأَبَوَيْنِ، وَإِمْكَانِ عَوْدِهِ إِلَى تَبَعِيَّتِهِمَا - فَلَأَنْ نَحْكُمُ بِإِسْلَامِهِ مَعَ تَحَقُّقِ عَدَمِ الْأَبَوَيْنِ، وَاسْتِحَالَةُ تَبَعِيَّتِهِمَا أَوْلَى وَأَحْرَى.
وَسِرُّ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّهُ تَبِعٌ لَهُمَا فِي الْإِسْلَامِ، وَالْكُفْرِ، فَإِذَا عُدِمَا زَالَتْ تَبَعِيَّتُهُ، وَكَانَتِ الْفِطْرَةُ الْأُولَى أَوْلَى بِهِ.
يُوَضِّحُهُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ أَقَارِبُهُ جَمِيعًا، وَرَبَّاهُ الْأَجَانِبُ مِنَ الْكُفَّارِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ جَعْلُهُ كَافِرًا، إِذْ فِيهِ إِخْرَاجٌ عَنِ الْفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهَا خَلْقَهُ بِلَا مُوجِبٍ، وَهَذَا مُمْتَنِعٌ إِذْ يَتَضَمَّنُ إِدْخَالَ مَنْ فُطِرَ عَلَى التَّوْحِيدِ فِي الْكُفْرِ مِنْ غَيْرِ تَبَعِيَّةٍ لِأَحَدٍ مِنْ أَقَارِبِهِ وَهَذَا فِي غَايَةِ الْفَسَادِ، فَإِذَا عُدِمَ الْأَبَوَانِ لَمْ تَكُنِ الْوِلَايَةُ عَلَى الطِّفْلِ لِغَيْرِهِمَا مِنْ أَقَارِبِهِ، كَمَا لَا تَثْبُتُ عَلَى أَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ، بَلْ تَكُونُ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِ لِلْمُسْلِمِينَ، وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ مَحْكُومًا بِإِسْلَامِهِ كَالْمَسْبِيِّ بِدُونِ أَبَوَيْهِ، وَأَوْلَى.
فَإِنْ قِيلَ: فَهَلْ تُوَرِّثُونَهُ مِنَ الْمَيِّتِ مِنْهُمَا؟ قُلْنَا: نَعَمْ، نُوَرِّثُهُ.
نَقَلَهُ الْحَرْبِيُّ، فَقَالَ: " وَكَذَلِكَ مَنْ مَاتَ مِنَ الْأَبَوَيْنِ عَلَى كُفْرِهِ قُسِمَ لَهُ - يَعْنِي لِلطِّفْلِ - الْمِيرَاثُ، وَكَانَ مُسْلِمًا بِمَوْتِ مَنْ مَاتَ مِنْهُمَا " وَذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute