للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْفِعْلُ الْأَوَّلُ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ وَأَصْحَابِهِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ إِقَامَةَ الْوَجْهِ لِلدِّينِ حَنِيفًا هُوَ فِطْرَةُ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا كَمَا فِي نَظَائِرِهِ مِثْلِ قَوْلِهِ: {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [النساء: ٢٤] ، وَقَوْلِهِ: {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} [الأحزاب: ٦٢] ، فَهَذَا عِنْدَهُمْ مَصْدَرٌ مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ لَازِمٍ إِضْمَارُهُ دَلَّ عَلَيْهِ الْفِعْلُ الْمُتَقَدِّمُ، كَأَنَّهُ قَالَ: كَتَبَ اللَّهُ ذَلِكَ عَلَيْكُمْ، وَكَذَلِكَ هُنَا فَطَرَ اللَّهُ النَّاسَ عَلَى ذَلِكَ: عَلَى إِقَامَةِ الدِّينِ حَنِيفًا.

وَكَذَلِكَ فَسَّرَهُ السَّلَفُ، قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: يَقُولُ: فَسَدِّدْ وَجْهَكَ نَحْوَ الْوَجْهِ الَّذِي وَجَّهَكَ اللَّهُ يَا مُحَمَّدُ لِطَاعَتِهِ، وَهُوَ الدِّينُ حَنِيفًا، يَقُولُ: " مُسْتَقِيمًا لِدِينِهِ وَطَاعَتِهِ "، {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: ٣٠] ، يَقُولُ: " صَنْعَةَ اللَّهِ الَّتِي خَلَقَ النَّاسَ عَلَيْهَا " وَنَصْبُ فِطْرَةٍ عَلَى الْمَصْدَرِ مِنْ مَعْنَى قَوْلِهِ: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا} [الروم: ٣٠] ، وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ: فَطَرَ اللَّهُ النَّاسَ عَلَى ذَلِكَ فِطْرَةً.

قَالَ: وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ، ثُمَّ رَوَى عَنِ ابْنِ زَيْدٍ قَالَ: " فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا قَالَ: هِيَ الْإِسْلَامُ مُنْذُ خَلَقَهُمُ اللَّهُ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>