للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّبْدِيلُ كُلُّهُ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا فُطِرُوا عَلَيْهِ حِينَ الْوِلَادَةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ خَلْقُ اللَّهِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى تَبْدِيلِهِ غَيْرُهُ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ لَا

[يُبَدِّلُهُ] قَطُّ، بِخِلَافِ تَبْدِيلِ الْكُفْرِ بِالْإِيمَانِ، وَبِالْعَكْسِ، فَإِنَّهُ يُبَدِّلُهُ وَالْعَبْدُ قَادِرٌ عَلَى تَبْدِيلِهِ بِإِقْدَارِ اللَّهِ لَهُ عَلَى ذَلِكَ.

وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: ٣٠] ، فَمِنْهُمْ مَنْ فَسَّرَهُ بِأَنَّهُ دِينُ اللَّهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَسَّرَهُ بِأَنَّهُ تَبْدِيلُ الْخِلْقَةِ بِالْخِصَاءِ، وَنَحْوِهِ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِنَّ الْمُرَادَ: لَا تَبْدِيلَ لِأَحْوَالِ الْعِبَادِ مِنْ إِيمَانٍ إِلَى كُفْرٍ، وَلَا مِنْ كُفْرٍ إِلَى إِيمَانٍ إِذْ تَبْدِيلُ ذَلِكَ مَوْجُودٌ وَمَا وَقَعَ فَهُوَ الَّذِي سَبَقَ بِهِ الْقَدَرُ، وَاللَّهُ عَالِمٌ بِمَا سَيَكُونُ لَا يَقَعُ خِلَافُ مَعْلُومِهِ، لَكِنْ إِذَا وَقَعَ التَّبْدِيلُ كَانَ هُوَ الَّذِي عَلِمَهُ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: " إِنَّ الْغُلَامَ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ طُبِعَ يَوْمَ طُبِعَ كَافِرًا "، فَالْمُرَادُ بِهِ كُتِبَ وَخُتِمَ، وَلَفْظُ الطَّبْعِ لَمَّا كَانَ يَسْتَعْمِلُهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فِي الطَّبِيعَةِ الَّتِي هِيَ بِمَعْنَى الْجِبِلَّةِ وَالْخَلِيقَةِ ظَنَّ الظَّانُّ أَنَّ هَذَا مُرَادُ الْحَدِيثِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>