للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا الْأَوَّلُ: فَلَوْ عُذِّبُوا لِعَدَمِ وُجُودِ الْإِيمَانِ الْفِعْلِيِّ مِنْهُمْ لَاشْتَرَكُوا هُمْ وَأَطْفَالُ الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ، لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي سَبَبِهِ.

فَإِنْ قُلْتُمْ: أَطْفَالُ الْمُسْلِمِينَ مَنَعَهُمْ تَبَعُهُمْ لِآبَائِهِمْ مِنَ الْعَذَابِ، بِخِلَافِ أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ فَإِنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ تَبَعًا لِآبَائِهِمْ، وَإِهَانَةً لَهُمْ، وَغَيْظًا، قِيلَ: هَذَا خَطَأٌ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ أَحَدًا بِذَنْبِ غَيْرِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤] ، وَقَالَ: {فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا} [يس: ٥٤] . . . الْآيَةَ،

قَالُوا: وَقَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ «هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْهِ حَتَّى يَعْمَلَهَا» "، فَإِذَا لَمْ يُعَاقِبِ الْمُكَلَّفَ بِمَا يَهُمُّ بِهِ مِنَ السَّيِّئَاتِ كَيْفَ يُعَاقِبُ الطِّفْلَ بِمَا لَمْ يَعْمَلْهُ، وَلَمْ يَهُمَّ بِهِ، وَلَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِ؟ !

قَالُوا: وَلَا خِلَافَ بَيْنَ النَّاسِ أَنَّ الطِّفْلَ الَّذِي لَمْ يُمَيِّزْ إِذَا مَاتَ طِفْلًا، وَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ عَاشَ لَقَتَلَ النُّفُوسَ وَسَفَكَ الدِّمَاءَ، وَغَصَبَ الْأَمْوَالَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُهُ عَلَى ذَلِكَ.

قَالُوا: وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ: " «هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ» " فَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهُمْ مِنْهُمْ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>