للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا قَوْلُهُ: " «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» "، فَإِنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ أَنَّهُ يَجْزِيهِمْ بِعِلْمِهِ فِيهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ مَعْلُومُهُ فِي الْخَارِجِ.

قَالُوا: وَأَيْضًا، فَإِنَّمَا قَالَ هَذَا قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ فِي أَمْرِهِمْ، فَلَمَّا أُوحِيَ إِلَيْهِ أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ أَخْبَرَ بِهِ أَصْحَابَهُ.

قُلْتُ: وَهَذَا الْجَوَابُ لَا يَصِحُّ، فَإِنَّهُ أَخْبَرَ بِهَذَا فِي حَدِيثِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَهُمَا مِمَّنْ تَأَخَّرَ إِسْلَامُهُ إِلَى بَعْدِ خَيْبَرَ، وَإِنَّمَا الْجَوَابُ الصَّحِيحُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُخْبِرْ بِأَنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُهُمْ عَلَى عِلْمِهِ فِيهِمْ، وَإِنَّمَا أَخْبَرَ بِأَنَّهُ " أُعْلِمَ بِمَا هُمْ عَامِلُونَ مِمَّا يَسْتَحِقُّونَ بِهِ الْعِقَابَ " فَإِذَا امْتُحِنُوا فِي الْآخِرَةِ، وَعَمِلُوا بِمَعْصِيَتِهِ ظَهَرَ مَعْلُومُهُ فِيهِمْ، فَعَاقَبَهُمْ بِمَا هُمْ عَامِلُونَ لَا بِمُجَرَّدِ عِلْمِهِ.

قَالُوا: وَأَمَّا حَدِيثُ خَدِيجَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - " أَنَّهُمْ فِي النَّارِ " فَلَا يَصِحُّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ كَلَامُ النَّاسِ فِيهِ.

وَأَمَّا حَدِيثُ " «الْوَائِدَةُ وَالْمَوْءُودَةُ فِي النَّارِ» " فَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْمَوْءُودَةَ لَمْ تَكُنْ بَالِغَةً، فَلَعَلَّهَا وُئِدَتْ بَعْدَ بُلُوغِهَا.

فَإِنْ قُلْتُمْ: فَلَفْظُ الْحَدِيثِ " «يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمَّنَا وَأَدَتْ أُخْتًا لَنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ تَبْلُغِ الْحِنْثَ " فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " الْوَائِدَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>