للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمَوْءُودَةُ فِي النَّارِ» فَقَدْ قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ: هَذِهِ اللَّفْظَةُ وَهِيَ قَوْلُهُ " لَمْ تَبْلُغِ الْحِنْثَ " لَيْسَتْ مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَا شَكٍّ، وَلَكِنَّهَا مِنْ كَلَامِ سَلَمَةَ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ، وَأَخِيهِ اللَّذَيْنِ سَأَلَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا أَخْبَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ " الْمَوْءُودَةَ فِي النَّارِ " كَانَ ذَلِكَ إِنْكَارًا، وَإِبْطَالًا لِقَوْلِهِمَا " لَمْ تَبْلُغِ الْحِنْثَ " وَتَصْحِيحًا، لِأَنَّهَا كَانَتْ قَدْ بَلَغَتِ الْحِنْثَ بِوَحْيٍ مِنَ اللَّهِ إِلَيْهِ بِخِلَافِ ظَنِّهِمَا، لَا يَجُوزُ إِلَّا هَذَا الْقَوْلُ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَتَنَاقَضُ، وَلَا يَتَكَاذَبُ، وَلَا يُخَالِفُ كَلَامَ رَبِّهِ، بَلْ كَلَامُهُ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَيُوَافِقُ مَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَعَاذَ اللَّهِ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ! وَقَدْ صَحَّ إِخْبَارُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّ أَطْفَالَ الْمُشْرِكِينَ فِي الْجَنَّةِ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ - بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير: ٨ - ٩] ، فَنَصَّ تَعَالَى عَلَى أَنَّهُ لَا ذَنْبَ لِلْمَوْءُودَةِ فَكَانَ هَذَا مُبَيِّنًا لِأَنَّ إِخْبَارَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّ تِلْكَ الْمَوْءُودَةَ فِي النَّارِ إِخْبَارٌ عَنْ أَنَّهَا كَانَتْ قَدْ بَلَغَتِ الْحِنْثَ بِخِلَافِ ظَنِّ إِخْوَتِهَا.

وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، وَلَيْسَ هُوَ دُونَ الْمُعْتَمِرِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ " لَمْ تَبْلُغِ الْحِنْثَ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>