للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

.. قال عبد الرحيم الطحان – غفر الله له سائر الآثام –: ما قاله الأئمة الكرام، من وجوب مهاجرة دار الكفر إلى دار الإسلام، كان متحققا ميسوراً فيما مضى من الأزمان، عند وجود دارَيِ الكفر والإسلام، وأما إذا عم الظلام بلاد الأنام، ولم يكن هناك خليفة ولا إمام، فما على المكلف إلا مقارعة الكفر أينما كان، والعض بالنواخذ على هي النبي – صلى الله عليه وسلم – والحذر من مشاركة الطغام فيما يتهافتون فيه من الإجرام، مع السعي الحثيث لإعادة دولة الإسلام، فمن قام بذلك فهو من الناجين بسلام، المتقين الله حسب ما في الوسع والإمكان، وهذا كما ثبت عن حذيفة بن اليمان – عليه رضوان الرحيم الرحمن – أنه قال: كان الناس يسألون رسول الله – صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم، قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم، وفيه دَخَنٌ، قلت: وما دخنه؟ قال: قوم يَسْتَنُّون بغير سنتي ويهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر، قلت: فهل بعد الخير من شر؟ قال: نعم: دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها، قلت: يا رسول الله صفهم لنا، فقال: هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم، قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك (١) .

٣- إمام جائز، وله حالتان:


(١) - انظر صحيح البخاري – كتاب المناقب – علامات النبوة في الإسلام –: (٦/٥١٥) ، وكتاب الفتن – باب كيف الأمر إذا لم تكن جماعة؟: (١٣/٣٥) بشرح ابن حجر فيهما، وصحيح مسلم – كتاب الإمارة – باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن، وفي كل حال: (٤/١٤٧٥) ، وسنن ابن ماجه – كتاب الفتن – باب العزلة –: (٢/١٣١٧) .