إن كل هذه النصوص تأتي من إنجيل يوحنا، ولنتناول الآن النص الأخير من عدد ١٢ إلى عدد ١٤ من (الإصحاح ١٦) فنرى أولًا أن التلاميذ ليسوا على. المستوى المطلوب لحمل مسؤولية الدعوة. إنه يقول:" إن لي أمورًا كثيرة أيضا لأقول لكم ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن "، وذلك بالإضافة إلى قوله في إنجيل (يوحنا ١٦: ٣٢) : " هو ذا تأتي ساعة وقد أتت الآن تتفرقون فيها كل واحد إلى خاصته وتتركوني وحدي ". من هذا نرى أن النبي الذي يأتي بعد المسيح قد وصفه بأنه روح الحق ومسؤوليته أن يرشدهم -أي سيرشد المسيحيين- إلى جميع الحق.
كذلك نجد المسيح - عليه السلام - يضع أصابعه في عيون المستشرقين الذين كفروا بنبوة محمد فيقول:" لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية ". وهذا ما تحقق في الرسول عليه الصلاة والسلام الذي تلقى الوحي عن الروح القدس جبريل - عليه السلام - وهذا ما يقوله القرآن الكريم. {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى}{إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} . (١) .
وأما قوله:" ويخبركم بأمور آتية " فهذا يشير إلى عظمة الإسلام وعلو مصدره. إننا لو تصفحنا الإصحاحين الأول والثاني من سفر التكوين، ثم نرجع إلى القرآن الكريم وهو يحدثنا عن الإعجاز العلمي الذي ما كان يستطيعه ذلك النبي الأمي الذي عاش في بيئة أمية في القرن السابع الميلادي، بل ما كان يستطيعه أساطين العلم والحكمة من مختلف الأمم الراقية في ذلك الزمان، لأدركنا شيئًا من عظمة القرآن الكريم. لنقرأ ما يقوله القرآن الكريم عن كيفية خلق الإنسان في بطن أمه ومراحله المختلفة التي يمر بها كما تقول سورة المؤمنون {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ} {ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً