للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ} {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} (١) .

وهذه الآيات وأمثالها، لا تناقض ما جاء في قوله تعالى {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا} (٢) .

فالجمع بين (الجدال) و (الجهاد) وهو أسلوب الإسلام ومنهجه، ولكل منهما موضعه، إذ إن كلًّا منهما ينفع حيث لا ينفع الآخر، وإن استعمالهما جميعًا أبلغ في إظهار الهدى ودين الحق.

فمن كان من أهل الذمة والعهد والمستأمن منهم لا يجاهد بالقتال، فهو داخل ضمن أمر الله بدعوته ومجادلته بالتي هي أحسن، وليس داخلًا فيمن أمر الله بقتاله.

ففي صحيح البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال في خطبته عند وفاته:

" وأوصي الخليفة من بعدي بذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم، أن يوفي لهم بعهدهم، وإن يقاتل من ورائهم، ولا يكلفوا إلا طاقتهم ".

وهذا امتثال لقول النبي صلى الله عليه وسلم:

«ألا من ظلم معاهدًا أو انتقصه من حقه أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس، فأنا حجيجه يوم القيامة» رواه أبو داود.


(١) سورة النساء، آية ١٢٨.
(٢) سورة النساء، آية ٧٧.

<<  <   >  >>