للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لما كانا يسمعانه من أنه كان شديد الإيذاء لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأجهز عليه عبد الله بن مسعود، وقتل نوفل بن خويلد قتله علي بن أبي طالب، وقتل عبيدة والعاص «١» والد أبي أحيحة سعيد بن العاص بن أمية، وقتل كثيرون غيرهم، أما الأسرى فكانوا سبعين أيضا، قتل منهم عليه الصلاة والسلام وهو راجع بن أبي معيط «٢» ، والنضر بن الحارث «٣» اللذين كانا بمكّة من أشدّ المستهزئين. وكانت هذه الواقعة في ١٧ رمضان، وهو اليوم الذي ابتدأ فيه نزول القران وبين التاريخين ١٤ سنة قمرية كاملة.

وقد أمر عليه الصلاة والسلام بالقتلى فنقلوا من مصارعهم التي كان الرسول عليه الصلاة والسلام أخبر بها قبل حصول الموقعة إلى قليب بدر، لأنه عليه الصلاة والسلام كان من سننه في مغازيه إذا مرّ بجيفة إنسان أمر بها فدفنت لا يسأل عنه مؤمنا، أو كافرا «٤» . ولما ألقي عتبة والد أبي حذيفة «٥» أحد السابقين إلى الإسلام تغير وجه ابنه، ففطن الرسول عليه الصلاة والسلام لذلك، فقال:

لعلّك دخلك من شأن أبيك شيء! فقال لا والله ولكني كنت أعرف من أبي رأيا وحلما وفضلا، فكنت أرجو أن يهديه الله للإسلام، فلما رأيت ما مات عليه أحزنني ذلك، فدعا له الرسول عليه الصلاة والسلام بخير، ثم أمر عليه الصلاة والسلام براحلته، فشدّ عليها حتى قام على شفة القليب الذي رمى فيه المشركون، فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء ابائهم: يا فلان بن فلان ويا فلان بن فلان، أيسرّكم أنكم كنتم أطعتم الله ورسوله، فإنّا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقّا، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقّا. فقال عمر: يا رسول الله ما تكلّم من أجساد لا أرواح فيها! فقال: والذي نفس محمّد بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، وتقول عائشة رضي الله عنها: إنما قال إنهم الان ليعلمون أن ما كنت أقول لهم حقّ، ثم


(١) قتله عمر بن الخطاب.
(٢) قتله عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح.
(٣) قتله علي ابن أبي طالب.
(٤) هكذا وقع في السن للدار قطني.
(٥) يكنى سالما هاجر الهجرتين، وصلّى إلى القبلتين، وأسلم بعد ثلاثة وأربعين انسانا، وكان ممن شهد بدرا، واستشهد يوم اليمامة وهو ابن ست وخمسين سنة.

<<  <   >  >>