للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ «١» ، فإن بها ظعينة «٢» معها كتاب فخذوه منها، فانطلقوا حتى أتوا الروضة، فوجدوا بها المرأة، فقالوا لها: أخرجي الكتاب، قالت: ما معي كتاب! فقالوا: لتخرجنّ الكتاب أو لنلقينّ الثياب، فأخرجته من عقاصها «٣» ، فأتوا به رسول الله فقال عليه الصلاة والسلام: يا حاطب ما هذا؟

قال: يا رسول الله لا تعجل عليّ، إني كنت حليفا لقريش ولم أكن من أنفسها، وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون أهليهم وأموالهم، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب أن أتّخذ عندهم يدا يحمون بها قرابتي، ولم أفعله ارتدادا عن ديني، ولا رضاء بالكفر بعد الإسلام، فقال عليه الصلاة والسلام: أما أنه قد صدقكم، فقال عمر: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق، فقال: إنه قد شهد بدرا وما يدر بك لعلّ الله اطّلع على من شهد بدرا، فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفر لكم «٤» ، وفي ذلك أنزل الله سورة الممتحنة يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ «٥» ثم سار عليه الصلاة والسلام بهذا الجيش العظيم في منتصف رمضان بعد أن ولّى على المدينة ابن أم مكتوم «٦» وكانت عدّة الجيش عدّة الجيش عشرة الاف مجاهد، ولما وصل الأبواء لقيه اثنان كانا من أشدّ أعدائه: وهما ابن عمه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب شقيق عبيدة بن الحارث شهيد بدر، وصهره عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة «٧» شقيق زوجه أم سلمة وكانا يريدان الإسلام فقبلهما عليه الصلاة والسلام وفرح بهما شديد الفرح


(١) قال السهيلي وكان هشيم يرويه حاج (بالحاء والجيم) وهو مما حفظ من تصحيف هشيم على أن البخاري، قد ذكر عن أبي عوانة أيضا أنه قال فيه: حاج لما قيل عن هشيم.
(٢) المرأة في الهودج.
(٣) أي ضفيرتها.
(٤) هكذا أورد ابن اسحاق هذه القصة مرسلة. وقد ذكر السهيلي أنه كان في كتاب حاطب: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد توجّه إليكم بجيش كالليل يسير كالسيل وأقسم بالله لو سار إليكم واحده لنصره الله عليكم فإنه منجز له ما وعده. وقد رواه البخاري وأخرجه بقية الجماعة إلا ابن ماجه وقال الترمذي: حسن صحيح. فدل على أن من فعل مثل فعله، وليس بيدري أنه يقتل.
(٥) اية رقم ١.
(٦) ذكر ابن كثير أنه ولى على المدينة أبارهم كلثوم بن حصين بن عتبة بن خلف الغفاري.
(٧) هو أخو أم سلمة لأبيها، وأمه عاتكة بنت عبد المطلب، وهو عامر بن قيس الفراسي، واسم أبي أمية حذيفة.

<<  <   >  >>