للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال:

«يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار».

ولم يعرف الخلق ولا شاهدوا زجاجة كأنها كوكب دري ولا زيتاً يكاد يضيء وإن لم تمسسه نار.

ثم قال: «نور على نور»، وهذا الوصف كله إنما أراد عز وجل به تعظيم أمر نور المصباح، الذي جعله مثلاً لنور هداه، فإنا وإن لم نعرف حقيقته، فقد دلنا تبارك اسمه على أنه نور عظيم القدر، فكيف يجوز أن يجعله أقل من نور الهدى، والله تبارك اسمه قد جعله مثله؟.

فإن قيل: قد يشبه الشيء من بعض جهاته لا من جهاته كلها، قيل: ليس النور إلا جهة واحدة، وهي الضياء فقط.

وأظن أبا تمام ذهب إلى أن «مثل نوره» إلى نور وجهه، فإن كان ذهب إلى هذا فهو غلط منه، ولا أعرف له عذرًا يتوجه، فإن قيل: بل العذر له متوجه، وهو أن نوراً يملأ السماوات والأرض أكثر وأعظم من نورٍ تضمه مشكاة، وهي الكوة غير النافذة، قيل: لم يرد جل جلاله بذكر المشكاة تقليل أمر الضوء، وأنه على قدر المشكاة، وإنما أراد جل اسمه أن يؤكد شدة النور وعظمه، لأنه إذا كان في شيء يضمه كان أغلب وأشد لضيائه منه إذا كان ضاحياً منتشرا، وهذا معلوم، ومعرفته قائمة في النفوس.

<<  <  ج: ص:  >  >>