للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا معارضة في غاية الفساد، إنما ذهب أبو تمام إلى المعنى المشهور المعتاد في استعمال الناس أن يقولوا: فلان مبسوط اليد بالمكارم، وسبط الأنامل بالخيرات، ويقولون في البخيل: شنج الأصابع، وجعد الكف عن الخير، وهذا أكثر في كلامهم من أن يحتاج عليه إلى استشهاد.

وإنما أخرج أبو تمام المعنى على هذه العادة وحذا حذو مسلم بن الوليد في قوله:

لا يستطيع يزيد من طبيعته ... عن المروءة والمعروف إحجاما

إلا أنه كشف المعنى، وأحسن العبارة عنه، فصار أولى به.

وقيل في بيت البحتري: وكيف لا يتعب عين الناظر؟ وأنت ترى الإنسان أبداً يكب على شيء يعمله فتسدر عينه، وخاصة الكاتب المكب على الكتابة، أو الناظر فيها، وهذا أبداً ترى كل أحد يشكوه، وترى الإنسان يعمل طرفه في النظر إلى الشيء البعيد فيسدر ناظره حتى لا يرى شيئاً، فهل هذا كله إلا من إتعاب العين بالنظر، وأنت أبداً تقول للمديم الدراسة للكتب: لا تتعب

<<  <  ج: ص:  >  >>