للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أفعال البخلاء، وهذا إلى الذم أقرب منه إلى المدح.

وكأنه أراد «ملكك الحمد وقوف»، أي: وقوفك بين الندى والجود، أي: إنك لا تقف إلا بينهما، كأنه مقيم بينهما لا يفارقهما، كما يقال: أنا مقيم بين أمرك ونهيك، وواقف عند طاعتك.

وقوله: «بين الندى والجود» ليس بالجيد، لأن الندى هو الجود والجود هو الندى، يقال: فلان يتندى على إخوانه ويتجود عليهم، ويقال: هو ذو ندى، كما يقال: هو ذو جود.

و «بين» ها هنا ليست قوية المعنى، لأنها ليست كالواو التي تنسق بالكلمة على الكلمة الأخرى التي هي في معناها، مثل النأي والبعد، والسر والنجوى، بل يوجب أن تكون إحدى الكلمتين غير الأخرى، وكأن البحتري ذهب إلى أن الندى سجيته في الكرم والبذل، وأن الجود العطاء، وهو محتمل وينبغي أن يلحق هذا أيضاً بمساوئه.

ومن نوادر باب الجود قول أبي تمام:

نعم الفتى عمر في كل نائبة ... نابت وقل له نعم الفتى عمر

يعطي ويحمد من يأتيه يحمده ... فشكره عوض وماله هدر

<<  <  ج: ص:  >  >>