وليس بين المعنيين اتفاق إلا بذكر قبل الكف، وهذا ليس من المعاني المبتدعة؛ لأن الناس أبداً يقولون: ما خلق وجهه إلا للتحية، وكفه إلا للقبل، كما قال دعبل:
فباطنها للندى ... وظاهرها للقبل
ومثل هذا، مما نطقوا به كثيراً، فلا يكون عندي مسروقاً.
٣٩ - وقال في قوله:
نظرت فالتفت منها إلى أح ... لى سوادٍ رأيته في بياض
من قول كثير:
وعن نجلاء تدمع في بياضٍ ... إذا دمعت وتنظر في سواد
وليس بين المعنيين اتفاق إلا بذكر البياض والسواد، والألفاظ غير محظورة، وأبو تمام إنما قال " فالتفت منها إلى أحلى سواد " يعني حدقتها " في بياض " يعنى شحمة عينها، وهذا هو الصحيح، وقد قيل: سواد عينها في بياض وجهها، وكثير أراد أن عينها تدمع إذا دمعت، يريد خدها، وتنظر في سواد، يعني حدقتها، وهذا المعنى غير ذاك.